ثمّ قال " وإن سبقت الطاء التاء لخّص صوت الطاء، وإلاّ صار تاء نحو {فرّطت}، {أحطتّ}، {كشطت}، {حبطت} " التحديد ص139،140.
وإذا رجعنا إلى كتاب التمهيد لابن الجزري نجد نفس المضمون.
هذه النصوص تبيّن قرب الطاء من التاء وهو الموافق للمنطوق به اليوم ولله الحمد وتبطل قول القائلين بأنّ الطاء الصحيحة هي الضاد المنطوق بها اليوم.
رابعاً: ليس هناك نصّ صريح فيما اطلعت عليه يدلّ على التشابه بين الطاء والدال. بخلاف الظاء والذال وبين الصاد والسين، فلولا الإطباق في الظاء لكانت ذالاً زيادة على ذلك أنّ النصوص صرحت على تشابههما في السمع وهذا يقال في السين والصاد. أمّا الطاء والدال وإن كان الفرق بينهما هو الإطباق إلاّ أنّ التشابه بينهما في السمع غير منصوص عليه. فكم من حروف قد تقاربت في الصفات والمخرج ولم تتشابه في السمع كالغين والخاء حيث اتفقا في المخرج واختلفاً في الهمس فقط ولا شبه بينهما بخلاف الضاد والظاء فالفرق بينهما الاستطالة والمخرج ومع هذا فقد تشابها في السمع. فالتقارب في المخرج والصفات لا يستلزم المشابهة.
خامساً: قد تكفّل الله تعالى بحفظ كتابه فقال جلّ في علاه {إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون} أقول: هذه الآية شاملة تشمل حفظ القرءان في التحريف والتبديل والرسم والنطق، فكيف تجتمع الأمّة على خطأ علماً أنّ نطق الطاء الحالي هو المعمول به في جميع الأقطار من غير خلاف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ لا يضرهم من خذلهم}. فإن اتفق أهل الأرض قاطبة على خطأ فهذا معناه أنّ الله لم يحفظ كتابه وأنّ العلماء قد قصّروا في أداء مهامهم نعوذ بالله من ذلك. أمّا الضاد فلا تزال طائفة تقرأ بذلك بالإسناد ولله الحمد.
سادساً: إن قلنا أنّ حرف الضاد والطاء والقاف قد تغيّرت مع مرّ الزمان وهو أمرٌ طبيعي يدخل في تطوّر اللغات كما يقول علماء الأصوات. فأقول هذا كلام خطير فأهداف علماء الأصوات تختلف عن أهداف علماء التجويد والقرءات فالأوّل يعتبر ذلك أمرا طبيعياً وأمّا الثاني فيستحيل أن يقبل ذلك لأنّه القرءان وقد سهر القدامى لحفظ نطق القرءان ويجب علينا أن نحافظ على النطق الذي قرأ به النبيّ عليه الصلاة والسلام من خلال المشافهة وفق ما أودعه القدامى في كتبهم، الذين كانوا أقرب الناس بالقرون المشهود لها بالخيرة والذين نقلوا لنا هذا العلم نثراً ونظماً ومشافهة بأمانة. ولو فتحنا هذا الباب فسيكون في المستقبل قائمة أخرى لبعض الحروف التي ستتغيّر بشكل طبيعي وسيُغلق باب التحقيق في مسائل التجويد والقراءات لقبولنا لهذا التغيّر. وقد انبهرت عندما ناقشت أحد المشايخ في مسألة الضاد فقال إنك تخالف كلام سيبويه والقدامى عند نطقك بحرف الطاء، فما يمنعك أن تخالف نصوص القدامى في مسألة الضاد؟ فأجبته وقلت: أتريد أن تسدلّ بخطأ تقوية لخطأ آخر؟ - إن سلمنا أنّ الطاء مهموسة- ثمّ قلت له: بمسألة الطاء تريد أن تغلق باب التحقيق والرجوع إلى نصوص القدامى لا حول ولا قوة إلاّ بالله.
سابعاً: إنّ كلام سيبويه محيّرٌ للغاية ولكن هذا لا يسوغ وصف الطاء بالهمس والذي يتمثل في ردٍ نصوص التشابه بين الطاء والتاء وتخطئة القراء جميعاً. ولم أجد فيما اطلعت عليه من وصف الطاء بالهمس عند علماء التجويد. بل جميع القراء يثبتون الجهر والشدة في الطاء وينكرونها همسها.
أكتفى بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
محمد يحيى شريف الجزائري
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[07 Jun 2006, 06:06 ص]ـ
أتفق معك في جميع ما ذهبت إليه،.
لقد قَبِل علماء الأصوات العرب أطروحات د. إبراهيم أنيس دون معارضةٍ تُذكر.
ويبدو أن من نص على همس الطاء، وردّ تصريح القدماء بجهرها قد طبّق قوله على الطاء الأعجمية التي ما هي إلا تاء مفخمة. أما مقصد سيبويه من المشابهة بين الدال والطاء إن سلمت عبارته من تصحيف وتحريف فلا أجد لها محملاً إلا أنه يرمي إلى إثبات جهر الطاء، من أجل ذلك عدل عن التاء إلى الدال. إذ أن قلب الطاء تاءً مفخمة مشهور مستفيض في لغات المسلمين غير العرب حين يريدون القراءة أو حذق أصوات العربية. ولا بد أن سيبويه قد أحسّ بها إحساسنا.
¥