تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد قبلنا -نحن الدكاترة الأحياء -المشتغلين في الأصوات العربية أقوال أنيس ومشايعيه في (همس الطاء) بسرعة مذهلة.

وقبولنا لمثل هذا يعود إلى أمرين:

-إيحاء الكاتبين في الأصوات من خريجي الجامعات الغربية، وتعريفهم الجديد الغريب المختصر للجهر والهمس، لنا بأنهم قد رأوا الوترين الصوتيين يتحركان وأنهم قاموا بتعميم رصدهم لجميع الأصوات، كأنهم أساطين علم التشريح والفسلجة وفيزياء الصوت وليس الأمر كذلك. فالتجربة ناقصة كما سيتبين. وليس ثمّ (تجربة ضابطة) في المسألة.ولم أجد من بين (القدامى والمحدثين) من تكلم عن المنطقة الوسطى بين (الجهر والهمس) أعني أن يكون الحرف في بداية نطقه مهموساً ولكن الجهر يزيده وضوحاً وقوة ظهور، وما أرى الطاء إلا من هذا النوع.!

-فاتنا أن المتعلم العربي مصاب بدُوار (الاستقراء الناقص) وعُصاب (سُرعة الحكم)

حتى لو درس في جامعات الغرب، وأن علينا أن نعدّ إلى الألف بدل العد للعشرة قبل أن نتجرّأ على مخالفة آراء أساطين القراءة وعلماء الأصوات الكبار، المحققين منهم كسيبويه وابن جني. ليس وقوعاً تحت (سطوة الأسلاف) وقوع الملايين من التقليديين من "أهل العلم"، بل تأنياً وتثبتا وتطبيقاً للمنطق العلمي المعمول به في الجامعات العالمية كما ينبغي. فقضية (علم الصوت) لها جانبان، جانب وصفيّ قياسي تحليلي يعود الى (علم الأصوات العام) فهو جزء من علم الفيزياء (الطبيعيات). وهذا بلا شكّ يجب تصحيح محاولات القدماء في ضوئه. أما الجانب الآخر فهو جانب تاريخي يعتمد (الرواية) فالعينة التي تطبق عليها قوانين علم الصوت المستجدة هي عينة قد ظهرت في التاريخ وهي (فصحاء العرب) في القرنين الهجريين الأول والثاني. ولما كان الحاجز الزماني يمتنع اختراقه إلا عبر (شفرة الكتابة) كان لا بد من الرجوع الى أقدم (النصوص المكتوبة) في وصف أصوات فصحاء العرب في الزمان القريب من عصر النبوة (حسب قدرة التاريخ).

بالشروط الآتية:

-لا يجوز إهمال أي نص قديم معاصر للصوت الذي يصفه.

-قياس دقة مصطلحات المؤلفين القدماء في ضوء أمثلتهم وتحليلاتهم، (الحذر من محاولة استخدام مصطلحهم لغير ما قصدوه). أي استخدام المفردة للفكرة نفسها وليس لفكرة من عندنا.

-الحذر من الاستقراء الناقص والجرأة على المخالفة.

-تلاوات القرآن هي محاولات بشرية متكررة لإنتاج (الصوت) عبر قرابة خمسين جيل، فهي (عيّنة وحكم ضمني) في نفس الوقت. وما دامت (نسخة كاربونية من نسخة من نسخة .. ) لم يبعد حصول تغيير ولو طفيف في بعض الأصوات. فاحتيج إلى ضوابط وصفية وقوانين محايثة ومستحدثة، يجب أخذها كلها بالحسبان.

ولذلك أخي الأستاذ يحيى يسرّني أن أغتنم هذه الفرصة فأشيد بمقارباتك العلمية، وطريقتك في الكتابة، والتفكير في (النصوص) بدل التفكير في الفراغ التي يرتكبها كثيرون، والتأني في الاستنتاج بدل التسرّع، والحذر من الشجرة التي تخفي الغابة. والاسترشاد بمقولة الأخفش الأكبر عبدالحميد بن عبدالمجيد:"أنحى الناس مَن لم يُلَحِّنْ أحداً".

ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[07 Jun 2006, 07:48 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم الشيخ / محمد يحيى شريف تحية طيبة وبعد:

أرجو أن يتسع صدرك لتعليق بسيط على ما تفضّلتم به جزاكم الله خيرا وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

أولا: أرى -والله أعلم- أنّ مشكلة الطاء ليست بأسهل من أختها (الضاد)، ولذا فإنه يجبُ على الباحثين والدارسين -في نظري-إطالة البحث والتدقيق والنظر في هذه القضية وعدم التسرع بإصدار الآراء الفاصلة. والتأني في الاستنتاج في مثل هذه القضايا مطلوبٌ ومحمود خاصة وأنها تتعلق بالصوت القرآني.

ثانيا: سأتجنب أسلوب الرد والتفنيد خوفا من الوقوع في الجدل العقيم، وليس من طبعي الأخذ والردّ والصدّ والهجوم! ولذا أتمنى أن ندقق فيما نقوله وأن تكونَ ردودنا لا أجل الردّ وإنما بغية الوصول للحق إن شاء الله تعالى.

أقول وبالله التوفيق:

(1) قال مكي بن أبي طالب القيسي (ت437هـ): " اعلم أن الحروف إنما يُبدل بعضها من بعض، ويدغم بعضها في بعض للتناسب والقرب الذي بينها. ألا ترى أنه لولا الإطباق والاستعلاء والجهر اللواتي في الطاء لكانت تاءً، لأنهما في الشّدة سواء، ولأنهما من مخرج واحد. وكذلك لولا الهمس والتسفل والانفتاح اللواتي في التاء لكانت طاءً. كذلك لولا الإطباق والاستعلاء اللذان في الطاء لكانت دالا، لأنهما في الجهر والشدة متساويان، ولأنهما من

مخرج واحد. فالدال أقرب إلى الطاء من التاء إلى الطاء، والمخرج للثلاثة الأحرف

واحد." اهـ (1)

فانظر رعاكَ الله كم يلزمنا أن نلغيَ من الصفاتِ لنجعل الطاء تاءً أو التاء طاءً؟ وكم يلزمنا أن نلغي من الصفات لنجعل الطاء دالا أو الدال طاءً؟ وانظر بعد الإجابة وفقك الله أيهما أقرب إلى الطاء .. الدال أم التاء؟

ثم دقق بعد ذلك في قول مكي أيضا: " وكذلك لولا الانفتاح والتسفل اللذان في الدال لكانت طاءً. وكذلك لولا الجهر الذي في الدال لكانت تاءً، لأنهما من مخرج واحد. وكذلك لولا الهمس الذي في التاء لكانت دالا. فالدال إلى التاء أقرب منها إلى الطاء، فافهم هذا التناسب الذي بين الحروف وقس عليه ما لم نذكر لك"اهـ (2)

ولا يخفي عليك قول الداني (ت 444هـ): "ولولا الإطباق الذي في الطاء لصارت دالا، ولولا الجهر الذي في الدال لصارت تاءً "اهـ (3)

فما رأيكم يا شيخ محمد؟

(2) كل النصوص التي نقلتها عن أئمة هذا الفن بخصوص الطاء والتاء المتجاورتين تدخل تحت ما يسمّى بـ: تخليص الحروف، ولم يقصدوا بتنبيهاتهم تلك ما فهمتَه أنتَ بارك الله فيك. والدليل هو ما ذكرته لك أعلاه.

ولي عودة قريبة إن شاء الله،،،


(1) الرعاية: ص 216 و 217
(2) المصدر السابق: ص 217
(3) التحديد: ص 138
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير