تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صنَّف الإمام الذهبي عدداً من كتبه على الطبقات مثل "سير أعلام النبلاء"، و"تذكرة الحفاظ"، و "معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار"، و"طبقات الشيوخ" وغيرها، ويذكر الدكتور بشار عواد منهج الذهبي في توزيعه للطبقات فيقول: (وتشير دراستُنا لهذه الكتبِ أَنَّ الذهبيَّ لم يُراع إيجادَ تقسيمٍ واحدٍ في عدد الطبقات بين هذه الكتب، ولا راعى التناسقَ في عَددِ المُترجَمين بين طبقةٍ وأُخرى في الكتاب الواحد، كما لم يلتزم بوحدةٍ زمنيَّةٍ ثابتةٍ للطبقة في جَميع كتبهِ فيما عدا "تاريخ الإسلام" الذي لا يدخلُ في هذا التنظيم). [سير أعلام النبلاء 1/ 100] فقد قسَّمَ الذهبيُّ كتابَه "معرفة القراء الكبار" على سبع عشرة طبقة أولاً ثم أضاف طبقة ثامنة عشرة في آخر نسخ الكتاب وأضاف ذيلاً له بعد ذلك، وقسَّمَ "سير أعلام النبلاء" على أربعين طبقة، وقسَّمَ "تذكرة الحفاظ" على إحدى وعشرين طبقة. مع أَنَّ الكتب الثلاثة تناولت نطاقاً زمنياً واحداً يَمتدُّ من الصحابة إلى عصر الذهبي. وهناك اختلافٌ في عدد التراجم بين الطبقات، فتقلُّ التراجمُ في بعض الطبقات، وتكثر في بعض الطبقات، فالطبقة الأولى في معرفة القراء الكبار لم يذكر فيها إلا سبعةً من الصحابة. وأَمَّا الوحدةُ الزمنيةُ فلم يراع الذهبيُّ وحدةً زمنيَّةً ثابتةً في كتبه التي صنَّفَها على الطبقات، فتلاحظ تبايناً كبيراً في المدة الزمنية التي تستغرقها كلُّ طبقةٍ من الطبقات. وبِهذا (يتضحُ أَنَّ الذهبي استعمل الطبقةَ للدلالةِ على القومِ المتشابِهين من حيث اللقاءُ، أي: في الشيوخ الذين أَخذوا عنهم، ثُمَّ تقارُبُهم في السنِّ من حيثُ المولدُ والوفاةُ تقارباً لا يتناقض مع اللُّقيا، وهو أمرٌ يُتيح تفاوتاً في وفيات المُترجَمين من جهةٍ، وتفاوتاً في عدد الطبقات أيضاً). [سير النبلاء 1/ 104] وعليه فإِنَّ الذهبيَّ لو أراد مثلاً أن يؤلف كتاباً في جَميع القراءِ وليس في الكبار منهم لاضطره الأمرُ إلى زيادةِ عددِ الطبقات، ولم يكفهِ جعلُ الكتابِ في سبع عشرة طبقة كما صنع في كتابه هذا. والذهبي لَمَّا باشر تصنيف "معرفة القراء الكبار" حدد الضوابط التي تحكم إيراد ترجَمةٍ لأي من القراء في كتابه.

ويمكن تلخيص تلك الضوابط في الآتي:

1 - قراء الصحابة ومن بعدهم الذين لم تتصل قراءتهم إلى عصر الذهبي لم يترجم لهم الذهبي في كتابه هذا. قال في آخر ترجمة الطبقة الأولى من الصحابة: (فهؤلاء الذين بَلَغنا أَنَّهم حفظوا القرآنَ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأَخَذَ عنهم مَنْ بَعدَهُم عَرْضاً، وعليهم دارت أسانيدُ قِراءةِ الأَئمةِ العَشرةِ. وقد جَمعَ القرآنَ غيرُهُم من الصحابة كمعاذِ بن جبلٍ، وأَبي زيدٍ، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبدالله بن عمر، وعتبة بن عامر، ولكنْ لم تتصل بنا قراءتُهم، فلهذا اقتصرتُ على هؤلاء السبعة رضي الله عنهم). وهؤلاء السبعة الذين ذكرهم هم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبدالله بن مسعود، وزيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري، وأبو موسى الأشعري، وأبو الدرداء عويمر بن زيد الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين.

2 - ضم تراجم المقرئين الذين قرأوا على القراء المشهورين بقراءات شهيرة، وقرأ عليهم القراء في زمانهم، واستمر الإسناد والروايات تلك حتى عصر الذهبي. حيث أشار في آخر الطبقة الخامسة، فقال: (وفي هذه الطبقة جماعةٌ كثيرةٌ من المقرئين ليسوا في الاشتهار كمن ذكرتُ، ولا اتصلت بنا طرقهم، وإنما العناية بمن تصدى للرواية).

3 - ترجم للمشهورين بأسانيدهم، وكثر الأخذ عنهم. قال في آخر الطبقة الثانية: (فهؤلاء الذين دارت عليهم أسانيد القراءات المشهورة ورواياتهم). وقال في آخر الطبقة الثالثة: (فهؤلاء الأئمة الثمانية عشر قطرة من بحر بالنسبة إلى حملة القرآن في زمانهم، اقتصرتُ على هؤلاء لدوران الأسانيد في القراءات عليهم).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير