تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

4 - لم يترجم الذهبي للقراء المشهورين الذين لم يعرف أساتذتهم، أومن قرأوا عليهم. قال في ترجمة حسين بن عبدالواحد الحذاء: (قلتُ: هذا وشبهه ليس من شرط كتابي؛ لعدم علمنا بمن أقرأه) [1/ 581 طبعة خان]. وهو يشير أحياناً إلى هؤلاء مع مخالفتهم لشرطه لعلة رآها، كقوله في ترجمة المفضل بن سلمة: (قلتُ: ما ذا من شرط كتابنا، ولكن ذكرته للتمييز بينه وبين المفضل الضبي). وقال في ترجمة عيسى بن سعيد الكلبي: (وانقطعت رواياته، وإنما أوردته أسوة أمثاله، وإن كنت لم أستوعب هذا الضرب، فلو استوعبت تراجم من تلا بالروايات أو ببعضها، ولم ينقل إلينا طرقه لبلغ كتابي عدة مجلدات). [انظر طبعة خان 2/ 579]

ومعرفةُ طبقةِ المُترْجَمِ له في كتب الذهبي تختلفُ من كتابٍ إلى آخر، فلا تستطيعُ القولَ بأَنَّ الراوي الفلانيَّ من أهل الطبقة الفلانية عند الذهبي، وإِنَّما يُمكنك القول: إنه من الطبقة الفلانية في الكتاب الفلاني عند الذهبي. فلا تَجدُ تقسيماً موحداً للطبقات عند المؤلفين المسلمين، فمكحول مثلاً في الطبقة الثالثة من أهل الشام عند ابن سعد، في حين هو من أهل الطبقة الثانية عند خليفة بن خياط، وفي الطبقة الرابعة عند الذهبي في تذكرة الحفاظ، ومن أهل الطبقة الخامسة عند ابن حجر في تقريب التهذيب. وتقسيمُ الرواةِ على الطبقاتِ جاء لخدمة دراسة الحديث النبوي، ومعرفة إسناد الحديث ونقده، فهو الذي يؤدي إلى معرفة فيما إذا كان الإسناد متصلاً، أو ما في السند من إرسال أو انقطاع أو نحو ذلك. وكان نظامُ الطبقات على غايةٍ من الأهميَّة في العصور الأولى التي لم يعتن المؤلفون فيها بضبط مواليدِ الرواة ووفياتِهم، إِنَّما كانت تُحدَّدُ طبقاتهم بمعرفة شيوخهم والرواة عنهم. على أنَّ من أكبر عيوب التقسيم على الطبقات صعوبةُ العُثورِ على الترجَمةِ لغير المتمرسين بهذا الفنِّ تَمرُّساً جيداً. وفائدةُ التنظيم على الطبقاتِ إِنَّما تظهر في العصور الإسلامية الأولى، وكلما مضى الزمن بالكتابِ صرنا لا نشعرُ بوجود الطبقةِ شُعوراً واضحاً، حتى إن ابن الجزري (ت833هـ) لم يرتب كتابه غاية النهاية على الطبقات، وإنما رتبهم على حروف الهجاء.

المؤلفات في تراجم القراء وطبقاتهم:

صُنِّفتْ كتبٌ في تراجم القراء وطبقاتهم قديماً وحديثاً، وقل كتابٌ من كتب القراءات المتقدمة كجامع البيان للداني وغيره، إلا ويتعرض لطبقات القراء المشهورين أصحاب القراءات والروايات فيترجم لهم، ويذكر أسانيده إليهم، غير أني أريد في هذه القائمة أن أشير إلى الكتب التي خصصت لتراجم القراء فحسب بحسب ما اطلعتُ عليه، ومن أهمها:

1 - طبقات القراء لأبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران (ت381هـ)، وهو مفقود [انظر: غاية النهاية لابن الجزري 1/ 49].

2 - طبقات القراء والمقرئين لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني الأندلسي (ت444هـ). وسماه ابن خير الإشبيلي في فهرسته (ص72) باسم: (كتاب تاريخ طبقات القراء والمقرئين من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين، إلى عصر مؤلفه وجامعه، على حروف المعجم). وقال عنه ابن الجزري في غاية النهاية 1/ 505: (كتاب طبقات القراء في أربعة أسفار، عظيمٌ في بابه، لعلي أظفر بجميعه). قال الدكتور غانم قدوري الحمد عن هذا الكتاب: (ويبدو أن نسخ هذا الكتاب كانت نادرةً في عصر ابن الجزري المتوفى سنة 833هـ، الذي سافر في معظم بلدان المشرق الإسلامي، أما بلاد المغرب فيكفي أن نعرف أنّّ المَقَّري مؤلف كتاب (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب) تلقى رسالة من المغرب من صديقه محمد بن يوسف المراكشي التاملي، مؤرخة في عاشورا المحرم فاتح سنة ثمان وثلاثين وألف، والمقري مقيم يومئذٍ في بلاد الشام، جاء فيها: (ثم المأمول من سيدنا ومولانا أن يتفضل علينا بكتاب طبقات القراء للإمام الحافظ الداني، إذ ليس عندنا منه نسخة) [انظر: نفح الطيب 2/ 474]، ولم أقف على ذكر لنسخة مخطوطة من الكتاب في عصرنا) [انظر: فهرست تصانيف الإمام أبي عمرو الداني بتحقيق د. غانم قدوري الحمد ص15 حاشية رقم 1] وقد ضَمَّن الإمام الذهبيُّ كتابَ أبي عمرو الداني في كتابه (معرفة القراء الكبار) والحمد لله وهذه من مزايا كتاب الذهبي، والظاهر أن كتاب الداني لم يكن بالكبير لتقدم وفاة مؤلفه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير