تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعودة إلى الحديث، فقد بيّنا أن بكير هذا تفرد به، ويمكن أن يكون هو الذي ركّب أجزاء هذا الحديث فساقها فيه، ويمكن أن يكون حدّث ببعضها وزاد فيه تلميذه أجزاء أخرى، وهذا يجعلنا أن نترجم للراوي عنه، وهو عبدالله بن الوليد.

قلت: هو عبدالله بن الوليد بن عبدالله بن معقل بن مقرن المزني الكوفي، كان يكون في بني عجل فربما قيل له العجلي. روى عن بكير بن شهاب وأبي صخرة جامع بن شداد وعاصم بن كليب وعاصم بن بهدلة وجماعة. وعنه ابن المبارك وابن عيينة وأبو أحمد الزبيري والحسن بن ثابت الأحول وأبو عاصم وأبو نُعيم وغيرهم.

قال علي بن المديني: "مجهول، لا أعرفه." وقال ابن معين والعجلي والنسائي: "ثقة." وقال أبو حاتم: "صالح الحديث" (29).

وقد رد الذهبي على ابن المديني تجهيله له، فقال: "قلت: قد عرفه جماعة ووثقوه فالعبرة بهم" (30).

قلت: ظاهر عبارات من روى الحديث عنه كأبي نعيم وأبي أحمد الزبيري من وصفهما لحاله وأنه كان في بني عجل، وأن له هيئة حسنة، وأنه كان يجالس حسن بن حي، وعدم شهرته لأنه كان يجالس الحسن بن حيّ، والحسن بن حيّ كان مختفياً دهراً من الزمان وكان أبو جعفر المنصور يبحث عنه؛ لأنه كان رأساً في الزيدية وكان يرى السيف، وكان -رحمه الله- فقيهاً والرواية عنه قليلة، ومن يذهب إليه من المحدثين إنما كان يذهب إليه خُفية، ولهذا عرّفه أبو نُعيم وغيره، لئلا يعتقد بأنه مجهول العين، وكونه جالس أهل العلم فإن جهالة العين عنه تزول وهذا مذهب أهل العلم في ذلك. ومجالسته للحسن بن حي ترفع عنه الجهالة من جهة، وقد يطعن فيه من جهة أخرى لمذهب ابن حي، فيكون عبدالله على مذهب شيخه ابن حي، لمجالسته إياه!

وهو على أقل الأحوال صدوق، وكونه من آل معقل بن مقرن يرفع حاله لأنهم أهل علم والرواية عنهم معروفه، فهو ليس بمتهم، فيمكن أن يكون وهم في رواية هذا الحديث، فزاد فيه أشياء، والله أعلم! على أنني أرجح أن البلية في هذا الحديث من شيخه بكير بن شهاب، ومما يدل على ذلك أنّ الطبراني روى في ((المعجم الكبير)) (31) حديثاً منكراً بهذا الإسناد، من طريق أبي نُعيم الفضل بن دكين عن عبدالله بن الوليد العجلي، عن بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ((لوددت أنّ عندي رجلاً من أهل القدر فوجأت رأسه. قالوا: ولِمَ ذاك؟ قال: لأن الله تعالى خلق لوحاً محفوظاً من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء، قلمه نور، وكتابه نور، وعرضه ما بين السماء والأرض ينظر فيه كل يوم ستين وثلاث مئة نظرة، يخلق بكلِّ نظرة، ويحي ويميت ويعزّ ويذل ويفعل ما يشاء.)) (32)

المطلب الثاني: الروايات الموقوفة على الصحابة لهذا الحديث:

أولاً: عليّ بن أبي طالب –رضي الله عنه-

1 - قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن أبي محمد الهاشمي، عن أبيه، عن عليّ، قال: ((الرعد ملك، والبرق مخراق من حديد)).

2 - وقال الإمام أحمد: أخبرنا عفان، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، قال: أخبرني مغيرة بن مسلم أو غيره (33) أنّ عليّ بن أبي طالب، قال: ((الرعد ملك، والبرق ضربه السحاب بمخراق من حديد)).

3 - وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن المغيرة بن مسلم مولى الحسن بن علي عن أبيه أنّ علياً قال: ((الرعد ملك)) (34).

قلت: هذه الروايات الثلاثة هي رواية واحدة، تفرد بها حماد بن سلمة. وأبو محمد الهاشمي هو مغيرة بن مسلم مولى الحسن بن عليّ، وهو مجهول لا يُعرف، وقد ذكره ابن حبان في ((الثقات)) فما أتى في ترجمته بشيء، قال: "مغيرة بن مسلم أبو محمد الهاشمي مولى الحسن بن عليّ، يروي عن أبيه عن علي. روى عنه حماد بن سلمة" (35). فما ذكره ابن حبان هو اعتمد فيه على هذه الرواية المنكرة، وهذه عادة ابن حبان –رحمه الله- إذا لم يجد في الرجل جرحاً أو تعديلاً، فإنه يذكره في الثقات!

فهذه الرواية منكرة، والعلة فيها هذا المجهول، أو هي من منكرات حماد –رحمه الله- فإنه كان يُدخل عليه ويدس في كتبه (36)، وإيراد الإمام أحمد لها في العلل يدل على أنه يستنكرها! (37).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير