تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فذهب إلى عفان بن مسلم وهو من شيوخه الذين أخذوا عن حماد بن سلمة، فدخل عليه وقال له: «يا عفان أريد أن أسمع كتب حماد بن سلمة التي عندك» فقال: ما سمعتَها إلى الآن! تعجب، يعني كيف ابن معين على كثرة ما طلب من العلم إلى الآن لم يسمع كتب حماد بن سلمة مع شهرة هذه الكتب قال: «لا قد سمعتها من سبعة عشر رجلاً وأنت الثامن عشر» فقال والله لا حدثتك، طبعاً ابن معين كان يقول -رحمه الله تعالى- «إنا لنسمع الحديث من ثلاثين وجهاً ثم نخطئ فيه» يعني هو ما زال في الثامن عشر، فقال والله لا حدثتك، فقال إن هما إلا درهمان فأنقلب إلى البصرة فأسمعها من التبوزكي موسى بن إسماعيل التبوزكي، إن هما إلا درهمان أؤجر دابة إلى البصرة وأدخل على موسى بن إسماعيل التبوزكي واسمعها منه، فدخل على موسى بن إسماعيل التبوزكي كانت يسيرة جداً يذهب إلى البصرة يأتي من البصرة يذهب إلى الكوفة عميلة سهلة طافوا البلدان، فدخل على موسى بن إسماعيل التبوزكي وقال له أريد أن أسمع كتب حماد بن سلمة التي عندك، قال لم تسمعها حتى الآن! قال قد سمعتها من سبعة عشر رجلاً وأنت الثامن عشر، فتعجب التبوزكي من يحيى بن معين، طبعاً التبوزكي شيخ محدث وليس ناقد وليس من الحفاظ كما ذكرنا في اللقاء الماضي الفرق، ليس كل من روى الحديث يكون ناقداً، ابن معين محدث ناقد كأحمد بن حنبل كالبخاري وهكذا، قال «قد سمعتها من سبعة عشر رجلاً وأنت الثامن عشر»، قال: وماذا تفعل بهذا؟ فقال: -هذه هي القاعدة موضع الشاهد عندنا- «إن حماد بن سلمة كان يخطئ فأريد أن أميز بين ما أخطأ فيه حماد بنفسه وما أخطئ عليه» أرأيت الدقة، دقة المحدثين هو يعلم أن الحديث خطأ لكن يريد أن يعرف الخطأ من حماد أم من الراوي عنه، إنصاف، وليس كهذه الأيام كلما وجدت راويا ضعيفا يكون هو المخطئ قد يكون شيخه الذي أخطأ وهو لم يخطيء في هذا الحديث وإذا وجدت في الإسناد أكثر من راو من الممكن أن يتوجه إليه الخطأ فلا تبادر إلى إعلال الحديث بالرجلين فلربما كان الخطأ من أحدهما والآخر بريء من ذلك والعلماء لهم في ذلك جولات وأمثلة ذلك كثيرة لا يسعها المقام.

«إن حماد بن سلمة كان يخطئ فأريد أن أميز بين ما أخطأ فيه حماد بنفسه وما أخطئ عليه فإذا رأيت أصحاب حماد قد اتفقوا على شيء عرفت أن الخطأ من حماد أما إذا وجدت أصحاب حماد قالوا شيئاً وواحد منهم هو الذي تفرد بهذا الوجه الخطأ عرفت أن الخطأ من هذا الواحد وليس من حماد فأميز بين ما أخطأ فيه حماد بنفسه وما أخطئ عليه» هذا هو الاعتبار.

إذن العلماء -عليهم رحمة الله تبارك وتعالى- يستفيدون بذلك، بماذا؟ بمعرفة من المخطئ في الرواية ومن المصيب فيها؟ وهل هذه الرواية من الممكن أن تؤثر في الرجل نفسه فتكون سبباً في تجريح العلماء له أم لا؟

نقطة أخرى أو فائدة أخرى من فوائد الاعتبار وهو معرفة تمييز الرواة كما فعل ابن معين هكذا عرف أن حماد بن سلمة يخطئ وأن هذه الأحاديث أخطأ فيها وتلك لم يخطئ هو فيها وإنما أخطأ فيها بعض الرواة الآخرون فيجمعون كل ذلك ليعرفوا كم حديثاً رواه ذلك الراوي؟ وكم حديثاً أصاب فيه؟ وكم حديثاً أخطأ فيه؟ فيميزون بين إصاباته وأخطائه فإن كثرت أخطاؤه كان ذلك دليلاً على سوء حفظه أما إذا كانت أخطاؤه قليلة بقدر إصاباته أو في جنب إصاباته فهي لا تؤثر عليه جرحاً وإن كانت تلك الأحاديث هي محكوم بكونها أخطاء.

الفائدة الأخيرة هناك فرق بين ثبوت المتابعة أو الشاهد وبين أن يعتد بها ويدفع بمقتضاها التفرد الواقع في الرواية، ليس كل متابعة تجيء في الروايات يكون لها التأثير الذي يرجى من المتابعة، يعني وجدنا كذاباً تابع راوياً، المتابعة وجدت أم لا؟ وجدت لكن متابعة الكذاب تنفع؟ لا تنفع، ووجود متابعة الكذاب وعدمها سواء.

الأمر الآخر: قد تكون المتابعة صورية لا حقيقة لها في الواقع، صورية لا حقيقة لها في الواقع يعني الحديث فرد تفرد به الراوي ثم جاء بعض الضعفاء فروى رواية أخرى تضمنت متابعة لبعض الرواة للحديث فأوهم ذلك المتابعة، ومع ذلك لا يعتد العلماء بهذه المتابعة ولا يحكمون بمقتضاها ولا يدفعون التفرد عن الراوي الأول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير