تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيضاً قرينة أخرى من تلك القرائن التي إذا ما انضمت إلى التفرد دل ذلك على خطأ الراوي المتفرد وهو أن يكون الحديث نفسه إسناداً أو متناً مشتملاً على نكارة، العلماء نظروا في السند فوجدوا خطأ وقع في الإسناد نكارة معنى منكراً في الإسناد أو نظروا إلى المتن فوجدوا فيه معنى منكراً أيضاً فالنكارة التي تقع في الإسناد أو تقع في المتن ترشد علماء الحديث إلى أن هذا الراوي الذي تفرد بذلك الحديث أخطأ في ذلك الحديث؛ لأن الحديث الشاذ كما قال شعبة: «لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ» والخطأ الواقع في الرواية لابد أن يكون من ورائه مخطيء في الإسناد فإذا كانت الرواية قد وقع في إسنادها أو متنها خطأ فلابد وأبداً أن يكون هناك مخطيء في الرواية فالعلماء -عليهم رحمة الله تبارك وتعالى- إذا وجدوا خطأ في الإسناد أو المتن نظروا في الإسناد، هل وقع تفرد أم لا؟

فإن وقع تفرد استدلوا بتفرد هذا الراوي على أن هذا مما أخطأ فيه إذ لو كان صواباً لما تفرد مثله بمثله، من ذلك حديث يرويه عبد الرزاق وهو من جملة الثقات عن الثوري عن سليمان الشيباني عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس: (أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: أحج عن أبي؟ قال: نعم إن لم تزده خيراً لم تزده شراً).

الحديث معروف بغير هذه الزيادة، وهو ثابت في قصة شبرمة، في الحج عن الغير ولكن أن يتضمن المتن هذه الزيادة استنكرها العلماء وهو ما ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-: (نعم، إن لم تزده خيراً لم تزده شر) فالعلماء أنكروا ذلك الحديث غاية الإنكار وحملوا ذلك على أن هذا من أخطاء عبد الرزاق، وأنه هو المتفرد بذلك الحديث حتى قال الإمام بن عبد البر -رحمه الله تعالى- «هذا الحديث قد حملوا فيه على عبد الرزاق لانفراده به عن الثوري من بين سائر أصحابه» لما وجدوا المعنى منكراً ووجدوا الراوي متفرداً قالوا حينئذٍ هذا الخطأ إنما هو من جراء ذلك التفرد.

يقول: «لانفراده به عن الثوري من بين سائر أصحابه وهذا حديث لا يوجد في الدنيا عند أحد بهذا الإسناد إلا في كتاب عبد الرزاق أو في كتاب من أخرجه من كتاب عبد الرزاق» يعني هو يرجع إلى عبد الرزاق، ولم يروه أحد عن الثوري غيره وقد خطئوه فيه وهو عندهم خطأ، قالوا يعني قال علماء الحديث: هذا لفظ منكر لا تشبهه ألفاظ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كيف يأمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بما لا يدري هو هل هو ينفع أم لا ينفع؟ فهذا مثال لنكارة المتن.

مثال آخر لنكارة الإسناد ما ذكرناه في لقاء سابق من أن يكون الإسناد مشتملاً على رواية شيخ عن شيخ أو راو عن شيخ ورواية هذ الراوي عن هذا الشيخ لا تعرف إلا في هذه الرواية الغريبة، فيقول العلماء: مثلاً فلان عن فلان لا يجيء، أو ليس له نظام، أو لا يعرف بالأخذ عن فلان، فهذا معنى يستنكر الحديث من أجله، من ذلك مثلاً حديث داود بن عبد الله، هارون بن إسحاق الهمداني عن عبد الله بن نمير عن عبد الملك بن أبي سليمان عن نافع، قال العلماء: عبد الملك بن أبي سليمان ليس له رواية عن نافع أصلاً، وإنما الصواب عبد الملك بن جريش، عن نافع أخطأ من أخطأ فروى الحديث عن عبد الملك بن أبي سليمان عن نافع، والصواب عن عبد الملك بن جريج عن نافع.

ماذا فعل الراوي كأن الحديث كان عنده عن عبد الملك عن نافع، فظن هو أن عبد الملك هذا هو بن أبي سليمان فنسبه اجتهاداً لا رواية فوقع في الخطأ، فرواية هذا الراوي عن هذا الشيخ غير معروفة وإنما المعروف رواية ابن جريج عن نافع، وليس ابن أبي سليمان عن نافع، وهذا يقع في الأسانيد كثيراً والعلماء -عليهم رحمة الله تبارك وتعالى- يستدلون به على خطأ يقع في الرواية، هناك من القرائن الدالة على الخطأ الاختلاف، الاختلاف بطبيعة الحال يرشدنا إلى أن الذي تفرد أخطأ والاختلاف له صور كثيرة وأحكام لكل صورة وكل ذلك سنفصله -إن شاء الله تعالى- عندما نتكلم عن صور الخلاف بعضها سنتكلم عليها في باب الاضطراب والبعض الآخر في باب مختلف الحديث، والله أعلم.

فضيلة الشيخ وردتنا إجابات على أسئلة الحلقة الماضية وكان السؤال الأول: ما معنى قول المحدثين فلان شيخ؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير