(2) فى الحديث دليل على التحضيض على فعل البرّ وإن قل، إذ لا يدري فيم تكون السعادة.وقد ورددت النصوص من الفرآن و السنة تحض على فعل الخير و إن كان هذا الخير قليلاً من هذه النصوص ما يلى:
أولاً: قال تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة 7: 8]
قال السعدى رحمه الله:
" وهذه الآية فيها غاية الترغيب في فعل الخير ولو قليلا والترهيب من فعل الشر ولو حقيرًا. " تفسير السعدى 932
ثانياً: عن أبى ذر رضى الله عنه قال: قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ "
رواه مسلم فى كتاب البر [باب استحباب طلاقة الوجه عند اللقاء]
قال النووى رحمه الله:
" فِيهِ الْحَثّ عَلَى فَضْل الْمَعْرُوف، وَمَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ، حَتَّى طَلَاقَة الْوَجْه عِنْد اللِّقَاء." مسلم بشرح النووى 8/ 46
(3) أن الإخلاص هو الموجب لكثرة الأجر، إذ حال الرجل كان كذلك إذ هو في البرية ولم يره أحد حال سقيه لهذا الكلب مما يدل على أن هذا الرجل كان مخلصاً في ذلك العمل.
(4) أن إكمال الأجر يكون بإكمال العمل يؤخذ ذلك من قول النبى صلى الله عليه وسلم في رواية "فسقى الكلب حتى أرواه" فبإكمال ريه للكلب أكمل الله نعمته عليه.
(5) جواز إفساد بعض الأمتعة إذا ترتب عليه الثواب الأخروي، ألا ترى إلى غرفه الماء بالخف المفسد له عادة، لكن لما كان في ذلك صلاح آخرته فهو في صلاح.
(6) يؤخذ منه تعب الفاضل للمفضول إذا احتاج المفضول إليه إذ أن الرجل قد تعب من أجل الكلب. ونوع الإنسان أفضل من باقي الحيوان.
(7) عظيم فضل الله و سعة رحمته فهو يعطى العطاء الجزيل على العمل القليل ومما يؤيد ذلك ما يلى:
أولا ً: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا "
رواه مسلم فى كتاب الذكر [باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل و الشرب]
ثانياً: عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
" لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ "
رواه مسلم فى كتاب البر [باب فضل إزالة الأذى عن الطريق]
(8) الحث على الرفق بالحيوان و قد ورددت كثير من النصوص من السنة النبوية المطهرة تحض المسلمين على الرفق بالحيوان، و رحمته، و الإحسان إليه ومن هذه النصوص ما يلى:
أولاً: عن عبدالله بن جعفر رضى الله عنه قال:
" أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس، و كان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش النخل، فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل، (فلما رأى الجمل النبي صلى الله عليه وسلم حن و ذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح سراته إلى سَنَامِهِ و ذَفْرَاه فَسَكَنَ) فقال النبى صلى الله عليه و سلم: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟
فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال النبى صلى الله عليه و سلم:
" أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟! فإنه شكا إلي أنك تُجِيْعُه و تُدْئِبُهُ "
رواه أبو داوود، و الحاكم، و أحمد، و الزيادة بين القوسين لابن عساكر، و الضياء المقدسى، و هو فى الصحيحة تحت رقم 20
ثانياً: عن معاوية بن قُرَّةَ عن أبيه قال: قال رجل للنبى صلى الله عليه و سلم: يا رسول الله إنى لأذبح الشاة فأرحمها
فقال النبى صلى الله عليه و سلم: " والشاة إن رحمتها رحمك الله "
رواه البخارى فى الأدب المفرد وهو فى السلسلة الصحيحة 26
ثالثاً: عن ابن عباس رضى الله عنهما قال:
" مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صَفْحَةِ شاةٍ، و هو يُحِدُّ
شفرته و هي تلحظ إليه ببصرها، فقال: " أفلا قبل هذا! أتريد أن تميتها موتتين؟! ".
¥