وقال صاحب التحرير: معنى الحديث أن الأمانة تزول عن القلوب شيئا فشيئا؛ فإذا زال أول جزء منها زال نورها وخلفته ظلمة كالوكت وهو اعتراض لون مخالف للون الذي قبله؛ فإذا زال شيء آخر صار كالمجل وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة , وهذه الظلمة فوق التي قبلها ثم شبه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب , وخروجه بعد استقراره فيه واعتقاب الظلمة إياه بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر , ويبقى التنفط وأخذه الحصاة ودحرجته أياها أراد بها زيادة البيان وايضاح المذكور, والله أعلم.
شرح النووي (2
168)
3 - عن شقيق قال: سمعت حذيفة يقول: بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال: ليس عن هذا أسألك , ولكن التي تموج كموج البحر. قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابا مغلقا قال عمر: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال: لا بل يكسر قال عمر: إذا لا يغلق أبدا قلت: أجل. قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم كما يعلم أن دون غد ليلة , وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط. فهبنا أن نسأله من الباب؟ فأمرنا مسروقا فسأله فقال من الباب؟ قال عمر.
البخاري (7096) ومسلم (144) وأحمد (5
401) وابن أبي شيبة (7
449) والطيالسي (1
55) والترمذي (2258) وابن ماجه (3955) والنسائي في الكبرى (1
144) وابن حبان (13
304) والأوسط للطبراني (2
215).
وأخرجه مسلم (144) وأحمد (5
386) باختلاف يسير:
عن ربعي عن حذيفة قال: كنا عند عمر فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه. فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل قال: تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة , ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر. قال حذيفة: فأسكت القوم فقلت: أنا قال: أنت لله أبوك. قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض , والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من مراه.
قال حذيفة: وحدثته أن بينك وبينها بابا مغلقا يوشك أن يكسر قال عمر: أكسرا لا أبا لك فلو أنه فتح لعله كان يعاد. قلت: لا بل يكسر , وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثا ليس بالأغاليط.
قال أبو خالد: فقلت لسعد: يا أبا مالك ما أسود مربادا؟ قال: شدة البياض في سواد قال: قلت: فما الكوز مجخيا؟ قال: منكوسا.
وفي رواية عند الطبراني في الكبير (3
169) من طريق إسماعيل بن مجالد ثنا مجالد عن الشعبي: عن ربعي بن حراش قال: حججت مع حذيفة فقعد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقال عمر: يا أصحاب محمد أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتنة؟ فقال حذيفة: أنا فقال عمر: إنك لجريء قال: أجرأ مني من كتم علما. قال عمر: فكيف سمعته؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن في مال الرجل فتنة وفي زوجته فتنة وولده. فقال عمر: لم أسأل عن فتنته الخاصة. فقال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتيكم بعدي فتن كموج البحر يدفع بعضها بعضا. فرفع يده فقال: اللهم لا تدركني.فقال حذيفة: يا أمير المؤمنين لا تخف إن بينك وبينها بابا مغلقا. فقال عمر: أفتحا يفتح الباب أو كسرا؟ قال حذيفة: كسرا ثم لا يغلق إلى يوم القيامة. فقال عمر: ذاك شر على هذا الأمة.
ومجالد ضعيف وإسماعيل صدوق يخطيء
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (11
365) عن سليمان التيمي وقتادة عن حذيفة
فائدة
أخرج الخطيب في الرواة عن مالك أن عمر دخل على أم كلثوم بنت علي فوجدها تبكي فقال: ما يبكيك؟ قالت: هذا اليهودي –كعب الأحبار- يقول: إنك باب من أبواب جهنم. فقال عمر: ما شاء الله ثم خرج فأرسل إلى كعب فجاءه. فقال: يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده لا ينسلخ ذو الحجة حتى تدخل الجنة.
فقال: ما هذا مرة في الجنة ومرة في النار.
¥