كما أن عبد المجيد قد تفرد بإسناد الحديث إلى أبي هريرة، من روايته عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة وأبي سعيد، والسؤال: أين أصحاب سعيد بن المسيب عن هذا الحديث إذ لو كان محفوظاً عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة لرأيت أصحاب سعيد بن المسيب يروونه عنه، بل لرأيت أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه يروونه عنه، فإن أبا هريرة له أصحاب يعتنون بحديثه، ولما انفرد بذلك عبد المجيد بن سهيل، بل قد رواه قتادة عن سعيد، ولم يسند الحديث إلى أبي هريرة، وما يروى من طريق عبد المجيد عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة فإنه من أفراد الدراوردي، وخالف كل من رواه عن عبد المجيد، كالإمام مالك، وسليمان بن بلال وغيرهما. فأرى الكلام الذي قاله الحافظ ابن عبد البر من كون الحديث ليس محفوظاً من مسند أبي هريرة هو أقوى من قوله: إنه محفوظ عنهما، وإن كان هذا القول الأخير لابن عبد البر يتعزز بموافقة خبير العلل الإمام الدارقطني، فقد قال في العلل (9/ 206 - 208) عن طريق عبد المجيد بن سهيل، عن سعيد بن المسيب.
وعن طريق عبد المجيد عن أبي صالح السمان. قال الحافظ: كلها صحاح. والله أعلم.
ولأن القول بأنها غير محفوظة يحل لنا إشكالاً فقهياً، فإننا لو قلنا: إن العلة في الذهب والفضة هي الوزن لكان ذلك يعني أمرين.
الأول: أنه لا يجوز إسلام الذهب والفضة بالموزونات، لأن كل شيئين جمعتهما علة واحدة في الربا لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر، كما لا يجوز إسلام الشعير بالبر، فلما جاز إسلام الموزونات بالذهب أو بالفضة علم أن العلة في الذهب والفضة ليست الوزن.
قال ابن القيم: «وأما الدراهم والدنانير فقالت طائفة العلة فيهما كونهما موزونين وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه ومذهب أبي حنيفة وطائفة قالت العلة فيهما الثمنية وهذا قول الشافعي ومالك وأحمد في الرواية الأخرى وهذا هو الصحيح بل الصواب، فإنهم أجمعوا على جواز إسلامهما في الموزونات من النحاس والحديد وغيرهما، فلو كان النحاس والحديد ربويين لم يجز بيعهما إلى أجل بدراهم نقداً، فإن ما يجري فيه الربا إذا اختلف جنسه جاز التفاضل فيه دون النساء والعلة إذا انتقضت من غير فرق مؤثر دل على بطلانها، وأيضا فالتعليل بالوزن ليس فيه مناسبة فهو طرد محض» ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_edn6)).
الإشكال الثاني: لو قلنا: إن العلة في الذهب والفضة هي الوزن لكان ذلك يعني عدم جريان الربا في النقود الورقية، لأنها لا توزن، فلا حرج في بيع الأرواق النقدية بعضها ببعض مع التماثل والنسأ، وبهذا نكون قد فتحنا بذلك باب الربا على مصراعيه للمرابين، فإذا قلنا: إن كملة (وكذلك الميزان) ليست محفوظة وفقاً للقواعد الحديثية انحل لنا هذا الإشكال، والله أعلم.
المشاركة القادمة:
نعد الأخوة إن شاء الله تعالى أن تكون المشاركة القادمة (وتنزل يوم السبت القادم الموافق 21/ 7/ 1428) في الكلام على حديث حكيم بن حزام (لا تبع ما ليس عندك) وما هو المحفوظ من ألفاظه التي وردت على أكثر من وجه.
لمراسلتي أو مراسلة الشيخ ( [email protected] ([email protected]) )
([1]) أخرجه البخاري (2080).
([2]) البخاري (2241)، ومسلم (1604).
([3]) بحوث في الربا – محمد أبو زهرة (ص: 49).
([4]) الحاوي (5/ 87).
([5]) سنن البيهقي (5/ 286)، وانظر معرفة السنن والآثار (4/ 306).
([6]) أعلام الموقعين (2/ 156).
ـ[آل عامر]ــــــــ[01 - 08 - 07, 11:47 م]ـ
أحسن الله إليك أخي الكريم، وجزى الله الشيخ الدبيان كل خير
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[02 - 08 - 07, 07:51 ص]ـ
جزاك الله خيراً،، وحفظ الله الشيخ أبا عمر، صاحب الفقه والأثر ..
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[02 - 08 - 07, 09:10 ص]ـ
بارك الله في الشيخ وتلميذه.
.
ـ[أبو عبد الرحمن العامري]ــــــــ[05 - 08 - 07, 03:27 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[فهد بن عبدالعزيز الجوعي]ــــــــ[15 - 08 - 07, 01:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المشاركة الثالثة (لفضيلة شيخنا الشيخ دبيان الدبيان)
علل أحاديث البيوع
الحديث الثالث
روى أحمد من طريق أبي بشر، عن يوسف بن ماهك،
عن حكيم بن حزام، قال: قلت يا رسول الله يأتيني الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم أبيعه من السوق؟ فقال: لا تبع ما ليس عندك.
¥