المذهب الثاني: وهو القول بأن المراد بالأحرف السبعة هو الإختلاف في الكلام من سبعة وجوه
الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، مثال ذلك من قوله تعالى: "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" قرأت هكذا:"لأمانتهم " بالإفراد أيضاً.
اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر مثال ذلك من قوله تعالى:"ربنا باعد بين أسفارنا" وقرأت ربُنا بعد بين أسفارنا" على أساس أن الفعل تحول من فعل أمر لفعل ماض.
اختلاف وجوه الإعراب، مثال ذلك من قوله تعالى:"ذو العرش المجيد" قرىء برفع لفظ المجيد وجره، فالرفع على أنه نعت لكلمة ذو والجر على أن نعت لكلمة العرش.
الاختلاف بالنقص والزيادة، مثاله من قول الله تعالى: "وما خلق الذكر والأنثى" قرىء كذلك:"والذكر والأنثى " من غير وما خلق.
الاختلاف بالتقديم والتأخير مثاله من قول الله تعالى:"وجاءت سكرة الموت بالحق" قرىء:"وجاءت سكرة الحق بالموت"
الاختلاف في الإبدال: مثال ذلك قوله تعالى:"وطلح منضود" قرىء "وطلع منضود".
اختلاف اللهجات كالإمالة والتفخيم والترقيق والإظهار والإدغام، مثاله من قول الله تعالى:"بلى قادرين" وقرىء:"بلى قادرين" بالإمالة.
وهذا المذهبان هما أقوى المذاهب لتأيدهما بالأدلة كأحاديث السبعة حروف، ولأنهما يعتمدان على الاستقراء التام لاختلاف القراءات، بخلاف المذاهب الأخرى التي كان استقراءها ناقصاً لأمور دون أمور.
المذهب الثالث: أن المراد سبع لغات لسبع قبائل من العرب ... أي نزل على سبع لغات ضرورة اختلاف لغات العرب ومشقة نطقهم بغير لغتهم فاقتضى ذلك التوسعة عليهم في أول الأمر فأذن لكل منهم أن يقرأ على حرفه أي على لغته.
وإلى هذا ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام وأحمد بن يحيى ثعلب وحكاه ابن دريد عن أبى حاتم السجستاني وحكاه بعضهم عن القاضى أبى بكر واختاره الكاشاني فيما نقله عن صاحب مجمع البيان عن قوم.
قال الطحاوي. وغيره: وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبع لغات، وذلك لما كان يتعسر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش، وقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ ... ثم نسخ بزوال العذر وتيسير الحفظ وكثرة الضبط وتعلم الكتابة.
قال ابن عبد البر قد أنكر أهل العلم أن يكون معنى سبعة أحرف سبع لغات لأنه لو كان كذلك لم ينكر القوم بعضهم على بعض في أول الأمر لأن ذلك من لغته التى طبع عليها وأيضا فإن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشي وقد اختلفت قراءتهما ومحال أن ينكر عليه عمر لغته
المذهب الرابع: وهو أن تقرأ الكلمة بوجه أو إثنين أو أكثر إلى سبعة. ويجاب عن ذلك أن بعض الكلمات تقرأ بوجوه كثيرة تتجاوز السبعة، كقوله تعالى: {عبد الطاغوت} فهي تقرأ باثنين وعشرين وجهاً، وفي كلمة أف سبع وثلاثون وجهاً وبذلك يكون هذا القول مرجوحاً.
المذهب الخامس: أن المراد بالأحرف السبعة في الحديث سبعة وجوه تنحصر في كيفية النطق بالتلاوة، من إدغام وإظهار، وتفخيم وترقيق، وإمالة وإشباع، ومد وقصر، وتشديد وتخفيف، وتليين وتحقيق، وهو محكي عن بعض القراء.
ويجاب على ذلك أن جميع الوجوه المذكورة ترجع إلى نوع واحد وهو اختلاف اللهجات، ويكون تفسير حديث الأحرف السبعة به قاصراً عن شمول أنواع القراءات التي مردهاً إلى إختلاف اللهجات، فهذا الرأي مرجوح.
المذهب السادس: أن المراد بالأحرف السبعة ينحصر في بعض الآيات إذ تُقرأ على سبعة أوجه، ونقل هذا القول القاضي الباقلاني عن جماعة، ويرد على ذلك أن الحديث الوارد في السبعة الأحرف يُفهم منه جميع القرآن لا بعضه.
المذهب السابع: أن المراد بالأحرف: ظهر وبطن، وفرض وندب، وخصوص وعموم وأمثال وألمح إليه الكاشاني فقال: وروت العامة أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله أن القرآن أنزل على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حرف حد ومطلع.وفي رواية أخرى أن للقرآن ظهرا وبطنا ولبطنه بطنا إلى سبعة أبطن. وربما يستفاد من هاتين الروايتين أن الأحرف إشارة إلى بطونه وتأويلاته ولا نص فيهما على ذلك لجواز أن يكون المراد بهما أن الكل من الأقساط ظهرا وبطنا ولبطنه بطنا (بطن خ ل) إلى سبعة أبطن. ا. هـ)
¥