تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يجعلنا معطوف على يقي ومن موصولة أو موصوفة وإذ ظرف شفيعا كقوله تعالى (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم)، فقيل هي تعليل في الموضعين كما في قوله تعالى (وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا)، قلت التقدير وإذ اعتزلتموهم أفلحتم وخلصتم فأووا الآن إلى الكهف، وأما إذ ظلمتم فنزل المسبب عن الشيء كأنه وقع زمن سببه فكأنه انتفى نفع الاشتراك في العذاب زمن ظلمهم، وفي بيت الشاطبي رضي الله عنه كأن الشفاعة حصلت زمن عدم النسيان لما كانت مسببة عنه، وقال أبو علي الدنيا والآخرة متصلتان وهما سواء في حكم الله وعلمه حتى كأنها واقعة وكأن اليوم ماض وقيل التقدير بعد إذ ظلمتم فهكذا يقدر بعد إذ ما نسوه وقيل العامل في إذ ويجعلنا ولا خفاء بفساد هذا، ويقال محل به إذا سعى به إلى سلطان ونحوه وبلغ أفعاله القبيحة مثل وشى به ومكر به وانتصاب فيمحلا على جواب النفي بالفاء، قال أبو عبيد في كتاب فضائل القرآن ثنا حجاج عن ابن جريج قال حدثت عن أنس بن مالك أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن يوم القيامة نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله في النار على وجهه، وفي كتاب الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة أو آية من القرآن أوتيها رجل ثم نسيها، وروي في ذم نسيان القرآن آثار كثيرة والمراد بها ترك العمل به فإن النسيان الترك ومنه قوله تعالى (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي)، وقد فسر ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه، القرآن شافع مشفع وماحل مصدق فمن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار، أخرجه مع غيره أبو بكر بن أبي شيبة في كتاب ثواب القرآن، فالحاصل أن للقرآن يوم القيامة حالتين، إحداهما الشفاعة لمن قرأه ولم ينس العمل به، والثانية الشكاية لمن نسيه أي تركه متهاونا به ولم يعمل بما فيه، ولا يبعد أن يكون من تهاون به حتى نسي تلاوته كذلك والله أعلم، قال الشيخ وفي الدعاء ولا تجعل القرآن بنا ماحلا أي ذاكرا لما أسلفناه من المساوي في صحبته

(93)

وَبِاللهِ حَوْلِى وَاعْتِصَامِي وَقُوَّتِى وَمَاليَ إِلاَّ سِتْرُهُ مُتَجَلِّلاَ

حولي أي تحولي من أمر إلى أمر والاعتصام الامتناع من كل ما يشين أي ذلك كله بيد الله لا يحصل إلا بمعونته ومشيئته، وفي الحديث الصحيح لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة، قال ابن مسعود في تفسيرها لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله، قال الخطابي هذا أحسن ما جاء فيه ومتجملا حال من الياء في لي أي ومالي ما أعتمد عليه إلا ما قد جللني به من ستره في الدنيا فأنا أرجو مثل ذلك في الآخرة أي ومالي إلا ستره في حال كوني متجللا به أي متغطيا به وقيل هو حال من الستر وفيه نظر

(94)

فَيَا رَبِّ أَنْتَ اللهُ حَسْبي وَعُدَّنِي عَلَيْكَ اعْتِمَادِي ضَارِعاً مُتَوَكِّلاَ

حسبي أي كافي والعدة ما يعد لدفع الحوادث والضارع الذليل والمتوكل المظهر للعجز معتمدا على من يتوكل عليه وهما حالان من الياء في اعتمادي وهذا أخر شرح الخطبة

باب الاستعاذة

(95)

إِذَا مَا أَرَدْتَ الدَّهْرَ تَقْرَأُ فَاسْتَعِذْ جِهَاراً مِنَ الشَّيْطَانِ بِاللهِ مُسْجَلاَ

الدهر منصوب على الظرف وجهارا مصدر في موضع الحال أي مجاهرا أو جاهرا أو يكون نعت مصدر محذوف أي تعوذا جهارا أي ذا جهار، وهذا في استعاذة القارئ على المقرئ أو بحضرة من يسمع قراءته أما من قرأ خاليا أو في الصلاة فالإخفاء له أولى ومسجلا بمعنى مطلقا لجميع القراء في جميع القرآن لا يختص ذلك بقارئ دون غيره ولا بسورة ولا بحزب ولا بآية دون باقي السور والأحزاب والآيات وهذا بخلاف البسملة على ما سيأتي، ووقت الاستعاذة، ابتداء القراءة على ذلك العمل في نقل الخلف عن السلف إلا ما شذ عن بعضهم أن موضعها بعد الفراغ من القراءة وقوله تعالى (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله)، معناه إذا أردت القراءة كقوله (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أحدكم فليستنثر ومن أتى الجمعة فليغتسل، كل ذلك على حذف الإرادة للعلم بها وأظهر الشاطبي رحمه الله في نظمه ذلك المقدر المحتاج

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير