تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إليه في الآية وهو الإرادة فقال إذا ما أردت الدهر تقرأ ولم يقل إذا ما قرأت الدهر للكل فاستعذ إشارة إلى تفسير الآية وشرحها وهو كقولك إذا أكلت فسم الله إذا أردت الأكل استغنى بالفعل عن ذكر الإرادة لشدة اتصاله بها ولكونه موجودا فيها

(96)

عَلَى مَا أَتَى في النَّحْلِ يُسْراً وَإِنْ تَزِدْ لِرَبِّكَ تَنْزِيهاً فَلَسْتَ مُجَهَّلاَ

أي استعذ معتمدا على ما أتى في سورة النحل دليلا ولفظا وهو قوله سبحانه وتعالى (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)، فهذا اللفظ هو أدنى الكمال في الخروج عن عهدة الأمر بذلك ولو نقص منه بأن قال أعوذ بالله من الشيطان ولم يقل الرجيم كان مستعيذا ولم يكن آتيا باللفظ الكامل في ذلك ويسرا مصدر في موضع الحال من فاعل أتى أي أتى ذا يسر، أي سهلا ميسرا وتيسره قلة كلماته فهو أيسر لفظا من غيره على ما سنذكره وزاد يتعدى إلى مفعولين نحو قوله تعالى (وزدناهم هدى)، والمفعول الأول هنا محذوف أي وإن تزد لفظ الاستعاذة تنزيها أي لفظ تنزيه يريد بذلك أن تذكر صفة من صفات الله تعالى تثني عليه بها سواء كانت صفة سلب أو ثبوت نحو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم أو أعوذ بالله السميع العليم فكل صفة أثبتها له فقد نزهته عن الاتصاف بضدها وقوله لربك متعلق بتنزيها ولا يمتنع ذلك من جهة كونه مصدرا فلا يتقدم معموله عليه فإن هذه القاعدة مخالفة في الظروف لاتساع العرب فيها وتجويزها من الأحكام فيها ما لم تجوزه في غيرها، وقد ذكرت ذلك في نظم المفصل وقررناه في الشرح الكبير، ومن منع هذا قدر لأجل تعظيم ربك وقيل لربك هو المفعول الأول دخلت اللام زائدة أي وإن تزد ربك تنزيها وقوله فلست مجهلا أي منسوبا إلى الجهل لأن ذلك كله صواب مروي وليس في الكتاب ولا في السنة الثابتة ما يرد ذلك

(97)

وَقَدْ ذَكَرُوا لَفْظَ الرَّسُولِ فَلَمْ يَزِدْ وَلَوْ صَحَّ هذَا النَّقْلُ لَمْ يُبْقِ مُجْمَلاَ

أي وقد ذكر جماعة من المصنفين في علم القراءات أخبارا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره لم يزد لفظها على ما أتى في النحل، منها أن ابن مسعود قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أعوذ بالله السميع العليم فقال قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وعن جبير بن مطعم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وكلا الحديثين ضعيف والأول لا أصل له في كتب أهل الحديث، والثاني أخرجه أبو داود بغير هذه العبارة وهو أعوذ بالله من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه، ثم يعارض كل واحد منهما بما هو أصح منهما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، قال الترمذي هو أشهر حديث في هذا الباب، وفي صحيح أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم ونفخه وهمزه ونفثه، وأشار بقوله ولو صح هذا النقل إلى عدم صحته كما ذكرناه وقوله لم يبق مجملا أي إجمالا في الآية وذلك أن آية النحل لا تقتضي إلا طلب أن يستعيذ القارئ بالله من الشيطان الرجيم فبأي لفظ فعل المخاطب فقد حصل المقصود كقوله تعالى (واسئلوا الله من فضله)، ولا يتعين للسؤال هذا اللفظ فبأي لفظ سأل كان ممتثلا، ففي الآية إطلاق عبر عنه بالإجمال وكلاهما قريب وإن كان بينهما فرق في علم أصول الفقه، وأما زوال إجمال الآية لصحة ما رواه من الحديث فوجهه أنه كان يتعين ختما أو أولوية وأياما كان فهو معنى غير المفهوم من الإطلاق والإجمال إذ الألفاظ كلها في الاستعاذة بالنسبة إلى الأمر المطلق سواء يتخير فيها المكلف وإذا ثبتت الأولوية لأحدها أو تعين فقد زال التخيير والله أعلم

(98)

وَفِيهِ مَقَالٌ في الْأُصُولِ فُرُوعُهُ فَلاَ تَعْدُ مِنْهَا بَاسِقاً وَمُظَلِّلاَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير