تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم ذكر استواء هذا المعلم (يعني جبريل) بالأفق الأعلى ودنوه وتدليه وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإيحاء الله ما أوحى .. فصور سبحانه لأهل الإيمان صورة الحال من نزول جبريل من عنده إلى أن استوى بالأفق ثم دنى وتدلى وقرب من رسوله فأوحى إليه ما أمره الله بإيحائه حتى كأنهم يشاهدون صورة الحال ويعاينونها هابطا من السماء إلى أن صار بالأفق الأعلى مستويا عليه ثم نزل وقرب من محمد صلى الله عليه وسلم وخاطبه بما أمرع الله به قائلا: ربك يقول لك كذا وكذا وأخبر سبحانه عن مسافة هذا القرب بأن قدر قوسين أو أدنى من ذلك ...

وليس هذا على وجه الشك بل تحقيق لقدر المسافة وأنها لا تزيد عن قوسين ألبتة كما قال تعالى {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}

تحقيق لهذا العدد، وأنهم لا ينقصون عن مائة ألف رجل واحداً ونظيره قوله {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ... } أي لا تنقص قسوتها عن قسوة الحجارة بل إن لم تزد على قسوة الحجارة لم تكن دونها وهذا المعنى أحسن وألطف وأدق من قول من جعل "أو" في هذه المواضع بمعنى "بل" ومن قول من جعلها للشك بالنسبة إلى الرأي وقول من جعلها بمعنى "الواو" فتأمله.

انتهى.

هذا كلام ابن القيم .. وهو كلام قيم.

رأه الشيخ أنه أدق مما قاله الكوفيون، والبصريون ...

وإن كان ما قالوه له أيضاً مكانه ...

فالكوفيون قالوا إن "أو" التي في قوله تعالى (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) قالوا هي بمعنى (بل) ويكون المعنى وأرسلناه إلى مائة ألف بل يزيدون.

واحتجوا على ذلك بأنه ..

(قد جاء ذلك كثيرا في كتاب الله تعالى وكلام العرب.

قال الله تعالى (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون)

فقيل في التفسير إنها بمعنى "بل" أي "بل يزيدون" وقيل إنها بمعنى الواو أي "ويزيدون".

ثم قال الشاعر

(بَدتْ مثل قَرْنِ الشمس في رونق الضُّحى ... وصورتها أوْ أنْت في العْيًن أمْلَحُ)

أراد بل. (أي بل أنت في العين أملح)

وقال تعالى (ولا تطع منهم آثما أو كفورا) أي وكفوراً.

ثم قال النابغة

(قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد)

إي "ونصفه"

والشواهد على هذا النحو من كتاب الله تعالى وكلام العرب أكثر من أن تحصى"

انتهى.

الإنصاف في مسائل الخلاف .. الجزء الثاني479 - 480

واستدلوا أيضاً بقول الله تعالى

(حرَّمنا عليهم شحومهما إلاّ ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم) وهي بمعنى الواو و (الحوايا) عطفت على الشحوم أو الظهور.

اللباب علل البناء والإعراب.

ومثل الكوفيين قال أبو علي وأبو الفتح وابن برهان تأتي للإضراب مطلقاً (أي دون شرطي سيبويه .. تقدم نفي أو نهي وإعادة العامل) احتجاجاً بقول جرير

(ماذا ترى في عيال قد برمت بهم ... لم أحص عدتهم إلا بعداد)

(كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي)

(أي كانوا ثمانية وثمانين)

مغني اللبيب .... الجزء الأول - 91

أما البصريون فرأوا غير ذلك .. رأوا "أو" على بابها، تفيد الشك

قال ابن جني في الخصائص:

( ... لكنها عندنا على بابها في كونها شكاً. وذلك أن هذا كلام خرج حكاية من الله عز وجل لقول المخلوقين. وتأويله عند أهل النظر: وأرسلناه إلى جمع لو رأيتموهم لقلتم أنتم فيهم: هؤلاء مائة ألف أو يزيدون.

ومثله مما مخرجه منه تعالى على الحكاية قوله (ذُقْ إنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الكرِيمُ) وإنما هو في الحقيقة الذليل المهان لكن معناه: ذق إنك أنت الذي كان يقال له: العزيز الكريم.

ومثله قوله - عز وجل - (وقَاَلوُا يَأَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بما عَهِدَ عِنْدَكَ إنَّنَا لمُهتَدُونَ) أي يا أيها الساحر عندهم لا عندنا (وكيف) يكون ساحراً عندهم وهم به مهتدون.

وكذلك قوله (أينَ شُرَكَائي) أي شركائي عندكم. وأنشدنا أبو علي لبعض اليمانية يهجو جريرا:

(أبلِغ كُلَيبا وأبلِغ عنك شاعرها ... أنِّى الأغرّ وأنّى زَهْرة اليمن)

قال: فأجابه جرير فقال:

(ألم تكن في وُسوم قد وَسَمتُ بها ... مَن حان موعظةٌ يا زهرة اليمن!)

فسماه زهرة اليمن متابعة له وحكاية للفظه.

الخصائص لابن جني ج2 ص361

وقال برهان الدين الزركشي في "البرهان"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير