تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إخوتي الكرام .. من لطف الله بهذه الأمة أن الخليفة بعد الرسول عليه الصلاة والسلام هو أبو بكر، ووالله لو جاء غيره لطاشت عقول الصحابة لأن أبا بكر هو صورة طبق الأصل للنبي عليه الصلاة والسلام، وما يختلفان إلا أن ذاك محمد رسول الله صلوات الله عليه وسلامه – وهذا عتيق الله أبو بكر الصديق، فذاك رسول وهذا صديق لا يختلفان في الطبيعة ولا بمثقال ذرة، وإن أردت أن تتحقق من هذا، انظر لصلح الحديبية لما أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام الصلح مع المشركين على أن يرجع هو والمؤمنون هذا العام ليأتوا في العام الآتي، وكتبوا شروطاً فيها قسوة في الظاهر على المسلمين، فمن الذي لج وضج؟ إنه عمر، بدأ ينفعل ويغضب غاية الغضب فذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: ألسنا على الحق؟ قال: بلي، فقال: أليسوا على الباطل؟ قال: بلى، قال: علام نعطى الدنية في ديننا؟! سيوفنا معنا والله معنا نبيدهم ونستأصل خضراءهم فماذا كان جواب النبي صلى الله عليه وسلم؟ يا عمر إني رسول الله ولن يضيعني الله.

ثم ذهب إلى أبي بكر وقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق؟ قال: بلى، قال أليسوا على الباطل؟ قال: بلى، قال: علام نعطى الدنية في ديننا؟! فماذا كان جوابه لعمر دون أن يسمع جواب النبي عليه الصلاة والسلام؟ قال: يا عمر اعرف قدرك إنه رسول الله ولن يضيعه الله فهذا كلام من مشكاة واحدة، اعرف قدرك من أنت لتفور لتثور؟، إن هذا رسول الله لا ينطق عن الهوى، يسدده في جميع أحواله، فأنا وأنت لا نعلم إلا الحاضر، لكن هذا رسول الله يوجهه من يعلم الغيب من يعلم السر وأخفى، فاعرف قدرك وقف عند حدك.

لو جاء بعد النبي عليه الصلاة والسلام خليفة غير أبي بكر، والله لطاشت عقول الصحابة وجنوا على قيد الحياة، ولم هذا؟

لأنهم أصيبوا بنبيهم عليه الصلاة والسلام، وهذه أعظم المصائب في الدين، المصيبة الثانية أنه قد جاءهم من ليس على طبيعته وبالتالي تغيرت عليهم الأمور من جميع الأحوال، فالنبي عليه الصلاة والسلام ذهب ثم جاء من لا يمثله تماماً، لا أقول عنده انحراف، حاشا وكلا أن يكون في أحد الصحابة انحراف، لكن شتان بين طبيعة أبي بكر وطبيعة غيره، فجاءهم أبو بكر، ولذلك يعتبر أبو بكر برزخاً، أي مثل الحياة البرزخية بين الدنيا والآخرة، فهو برزخ بين حياة النبي عليه الصلاة والسلام وبين الحياة التي جاءت بعد ذلك لتكون انتقالاً، وليخف عليهم أثر فراق النبي عليه الصلاة والسلام، فما فقدوا في عهد أبي بكر إلا شخص النبي عليه الصلاة والسلام، وأما الرعاية والتوجيه والحلم والشدة في موضعها كل هذا موجودٌ كما كان النبي عليه الصلاة والسلام فيهم.

المرحلة الثانية:

مباحث الإسراء والمعراج

المبحث الأول:

اتفق أهل الحق على أن الإسراء والمعراج كانا بروح النبي عليه الصلاة والسلام وبدنه يقظة لا مناماً دل على هذا ثمانية أمور، كلها حق مقبول:

الأمر الأول:

افتتاح آية الإسراء بلفظ التسبيح (سبحان)، وقد تقدم معنا أن من معاني التسبيح تنزيه الله عن السوء والتعجب، والأمران يدخلان هنا، فالله جل وعلا ينزه نفسه عن السوء في مطلع هذه السورة للإشارة إلى أن طعن المشركين في خبر نبينا الأمين عليه صلوات الله وسلامه طعنهم في خبره بأنه أسرى به وأن هذا لا يمكن أن يحصل له وأن هذا مستحيل وأن هذا بعيد، فهذا نقص يتنزه الله عنه فهو على كل شيء قدير.

وفي ذلك أيضاً تعجيب للمسلمين وللخلق أجمعين لما حصل لنبينا الأمين عليه صلوات الله وسلامه، والتعجب يحصل عند أمر غريب أو أمر غير مألوف؟ بل يحصل عند أمر غريب، ولذلك افتتحه بقوله (سبحان)، فالتنزيه يدل على حصول الإسراء والمعراج والطعن في هذا طعن في قدرة الله التي لا تحد بحد، والتسبيح إذا كان معناه التعجب تعجبوا مما حصل للنبي عليه الصلاة والسلام من إسراء بروحه وجسده ومعراج بروحه وجسده في جزء من الليل.

الأمر الثاني: أو اللفظة الثانية:

(عبده) العبد هو اسم لمجموع الروح والجسد، هذا كقول الله جل وعلا: (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً) للروح أم للجسد؟ لهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير