إخوتي الكرام ... يكرم الله جل وعلا عباده بما شاء سبحانه وتعالى، وقد ذكر أئمتنا في ترجمة سُليم بن عِتْر قاضي مصر في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وسُليم هو من أئمة التابعين توفي سنة 75هـ ذكر أئمتنا أنه كان يختم كل ليلة ثلاث مرات – وهو؟؟؟؟ ويتصل بأهله ثلاث مرات.
وهذه قوة عجيبة يكرم الله بها عبده، فأولاً يختم القرآن في كل ليلة وهذا ورد ثلاث مرات وهو القاضي الذي فرغ نفسه لشؤون الناس في النهار فإذا جن الليل؟؟؟؟؟.
وقد ذكر هذا في سير أعلام النبلاء للذهبي 4/ 132،وفي غيره.
يقول الإمام الذهبي في ترجمته: "سُليم بن عِتْر الإمام الفقيه قاضي مصر ووعظها وقاصُّها وعابدها – "ثم قال: "وروي عنه أنه كان يختم كل ليلة ثلاث ختمات ويأتي امرأته ويغتسل ثلاث مرات، وأنها قالت بعد موته: رحمك الله، لقد كنت ترضي ربك وترضي أهلك" إلخ ترجمته.
ويقول الشيخ شعيب الأرناؤوط – وهو المعلق على سير أعلام النبلاء -: ولا يعقل ذلك، ربما لا يصح عنه"
لماذا لا يعقل هذا؟ وقد قلنا إن خارق العادة ليس بمستحيل ولا بمخالف للعقل.
فلو أن الله أكرم أحد عباده بأن يختم القرآن كل ليلة مائة مرة يعقل هذا أم لا يعقل؟ بل يعقل وأن يتصل بأهله مائة مرة، يعقل هذا أم لا يعقل؟ بل يعقل.
فلماذا لا يعقل وليس هو بمستحيل، لذلك فانتبهوا إخوتي الكرام إذا أردتم أن تتكلموا وزنوا كلامكم بميزان الشرع.
ولو قال هذا المعلق: "هذا غريب والله على كل شيء قدير" فلا بأس، ولكن انظر كيف يقول لا يعقل وربما لا يصح، فما دام ليس معقولاً عندك قل لا يصح ولا تقل ربما، فإذن كيف صار كلا منا لا احتراز فيه ولا احتراس ثم قال:؟؟؟؟ لأنه مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث) رواه أبو داود والترمذي بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
ولكن نحن نقول هذه كرامة وليست من المستحيلات حتى نردها.
والإمام النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن – وهذا الكتاب – لابد أن يكون عند كل طالب علم، وهكذا كتاب (الأذكار) وهكذا (رياض الصالحين) فهذه الكتب الثلاثة للإمام النووي لا يكون في البيت خير أو نور إذا لم تكن هذه الكتب فيه، وينبغي أن تجهز هذه الكتب في جهاز المرأة عندما تزف لزوجها.
فالإمام النووي في هذا الكتاب – التبيان – في ص 47 يقول: "كان السلف رضي الله عنهم لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه، فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة، وعن بعضهم في كل شهر ختمة وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة، وعن بعضهم في كل ثمان ليال، وعن الأكثر في كل سبع ليال وعن بعضهم في كل ست ليال وعن بعضهم في كل خمس ليال، وعن بعضهم في كل أربع ليال وعن كثيرين في كل ثلاث ليال، وعن بعضهم في كل ليلتين، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة، ومنهم من كان يختم في كل يوم ليلة ختمتين ومنهم من كان يزيد عن ثلاثة، وختم بعضهم ثماني ختمات أربعاً بالليل وأربعاً بالنهار".
فمن الذين كانوا يختمون ختمة في اليوم والليلة عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وآخرون.
ومن الذين كانوا يختمون ثلاث ختمات سُليم بن عِتْر – وهذا هو الذي ذكرنا قصته – وكان؟؟؟؟؟؟؟؟
ثلاث ختمات، وروى أبو عمر الكندي في كتابه في قضاة مصر أنه كان يختم في الليل أربع ختمات، قال الشيخ الصالح أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت الشيخ أبا عثمان المغربي؟ كان ابن الكاتب رحمه الله يختم في النهار أربع ختمات وفي الليل أربع ختمات، وهذا ما بلغنا في اليوم والليلة.
ثم يقول في آخر المبحث: "والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص فمن كان يظهر بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر ما يحصل له كمال فهم ما يقرأه، وكذا من كان مشغولا ً بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة فليقتصر على قدر يحصل بسببه إخلال بما هو مُرصد له، وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرهة ".
هذا كله – كما قلت – يخرج منه ما ذكر – أن هذا من باب الكرامة
فسعيد بن جبر رحمه الله ثابت بالإسناد الصحيح إليه أنه كان يختم القرآن بين المغرب والعشاء.
¥