تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ب- المرحلة الثانية: شباب، وهي من 15 سنة إلى 30سنة ومدها الإمام ابن القيم إلى 40 سنة، وقال هذا حد الشباب وفيها – أي في الأربعين – تكتمل قوى الإنسان ويبلغ أشده (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة)، وما بعث الله نبياً إلا على أربعين هذا على الأعم الأغلب، انظروا روح البيان للألوسي (26/ 18، 19)، لأن قواه العقلية تكون قد اكتملت وتكون عنده التؤدة والتأني والثبات والرزانة ووضع الأمور في مواضعها.

جـ- المرحلة الثالثة: كهولة، وهي من 40 سنة – إلى 60 سنة.

د- المرحلة الرابعة: شيخوخة، وهي من 60 سنة إلى الوفاة نسأل الله حسن الخاتمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك] والحديث في المسند والسنن بسند صحيح.

فإذن قوله غلام أي لازال صبياً ناهز الاحتلام، فلم يصفه بأنه شاب وكيف هذا؟

ذكر أئمتنا جوابين عن هذا:

1 - الجواب الأول: ونقل عن المتقدمين كابن أبي جمرة وغيره، أن هذا من باب دالة موسى على نبينا عليه الصلاة والسلام.

فموسى أكبر منه، ونبينا مع موسى كالغلام مع الشيخ من ناحية العمر، فهو وإن كان يزيد على الخمسين سنة (51 سنة ونصف) ودخل في الكهولة فعبر عنه بأنه غلام – في أول مراحل العمر بالنسبة إلى عمر نبي الله موسى، فالفارق بينهما يجعل هذا العمر الذي يزيد على خمسين سنة كأنه سنة مع عمر نبي الله موسى عليه صلوات الله وسلامه، لاسيما وأن لموسى دالة عليه ومنزلة لكبر سنه ولسبقه له في النبوة والرسالة، ولأنه سيشير عليه – كما سيأتي – بأمر ينفعه وينفع أمته فجزاه الله عنا خيراً.

2 - الجواب الثاني: ذكره الحافظ ابن حجر – وهو في تقديري أقوى الجوابين – فقال إن هذا ليس من باب أن نبينا مع موسى كالغلام مع الشيخ، إنما عبر بغلام هنا ليخبره عن قوة نبينا عليه الصلاة والسلام وعزمه ونشاطه.

فهو كبير في العمر لكن همته همة الشباب، وهمته همة من لم يعرف تعباً في الحياة بل لازال؟؟؟؟؟؟ له كل شيء وهو جاهل لذلك قوته مجتمعة لم تبذل هنا وهناك، ولم يتعب في حياته وهذا هو حال الناس.

فإذن ليدلل على عزيمته وقوته رغم كونه في سن الكهولة، وهذا حاله صلى الله عليه وسلم، يقول على رضي الله عنه [كنا إذا اشتد الوطيس وحمت المعركة أشجعنا يلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم].

وفي غزوة حنين عندما نصب المشركون كميناً للنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة؟؟؟؟؟؟ بنبال كالمطر فتفرق الصحابة، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم وكان يردد: أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب

ثم قال يا عباس، نادِ في الصحابة، يا أهل بيعة العقبة، يا أهل بيعة الشجرة، يا أهل بدر أي نادهم يا عباس ليجتمعوا إليَّ وهو ينادي ويقول:

أنا النبي لا كذب ??? أنا ابن عبد المطلب

فإذن ما فيه من عزم ونشاط هو عزم الشباب لا عزم الكهولة ولذلك سماه غلاماً؟؟؟؟ هو في آخر مراحل الغلام وأول مراحل الشباب.

قال الحافظ ابن حجر: وقد تأيد هذا بالحديث الصحيح الثابت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه [أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه التسع في الساعة الواحدة من ليل أو نهار بغسل واحد فقيل لأنس: أو كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يطيق ذلك؟ فقال: كنا نتحدث أن الله أعطاه قوة ثلاثين].

وفي كتاب صفة الجنة لأبي نُعيم بسند صحيح – [أن الله أعطاه قوة أربعين رجلا ً من أهل الجنة] وقوة الرجل في أهل الجنة تعدل قوة مائة رجل من أهل الدنيا أكلا ً وشرباً ومباشرة.

فنضرب 40×100 فيكون الناتج 4000، إذن قوة نبينا عليه الصلاة والسلام إذا قورنت برجال أهل الأرض فإنها تعدل قوة (4000) رجلا ً، فهل يكون من هذا شأنه كهلا؟!! ولذا قيل له غلام؛ لأن مَنْ هذا حاله وشأنه لا يقال فيه [هذا الشيخ أو الكهل الذي بعث بعدي فقد يفهم منه أنه ضعيف ليس عنده قوة]، فرسولنا صلى الله عليه وسلم فيه نشاط الغلمان لا عمرهم، وعمره عمر الكهول.

وهذا خير ما يكون في الإنسان رزانة ووقار أي كبير في السن، لكن عزمه قوي يغلب عزم الشباب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير