والتحفة اللطيفة تتكلم عن المدينة المنورة كما أنه ألفت كتب في أخبار مكة مثل أخبار مكة للأزرقي، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، والعِقد الثمين في أخبار البلد الأمين للإمام الفاسي،وهذا أحسن ما كتب في أخبار مكة ومن دخلها يقع في (8 مجلدات)، وكذلك ألفت كتب في أخبار المدينة من ذلك الكتاب السابق الذكر الذي ألفه الإمام السخاوي وهو كتاب جليل، وكتاب المغانم المطابة في أخبار طابة للفيروز آبادي.
الشاهد أنه قال في التحفة اللطيفة: "وأنا أقول برؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه" وقد انتصر لهذا القول الإمام ابن خزيمة في كتاب التوحيد وقرره في صفحات كثيرة تزيد على الثلاثين (من 197 - 230)
دليل هذا القول وعمدته خمسة أمور:
أولها: آثار ثابتة عن الصحابة لها حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام:
1 - روى ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص 199 بإسناد قوي قاله الحافظ في الفتح 8/ 108 عن أنس رضي الله عنه قال [رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه].
2 - روى الإمام الطبري في تفسيره، وابن خزيمة في كتاب التوحيد، والحاكم في المستدرك 2/ 469 بسند صحيح على شرط الشيخين أقره عليه الذهبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [اصطفى الله إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالتكليم، واصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم بالرؤية]؟؟؟؟؟؟؟؟ له الرؤية، وأي هذه التحف والعطايا أغلى؟
حتماً إنها الرؤية فهي أغلى العطايا.
فموسى اصطفاه الله بالكلام، وإبراهيم اصطفاه الله بالخلة، ونبينا عليه الصلاة والسلام حصل له التكليم – كما سيأتيننا – وحصلت له الخلة، وخلته أكمل خلة لربه ولذلك يقول خليل الله إبراهيم – كما في حديث الشفاعة وهو حديث متواتر – عندما يذهب الخلق ويقولون اشفع لنا فقد اتخذك الله خليلاً فيقول [إنما كنت خليلاً من وراء وراء، اذهبوا إلى محمد عليه الصلاة والسلام فإن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر].
فإذن هو خليلٌ وكليمٌ، وله فضل لم يحصل لغيره من النبيين وهو الرؤية.
3 - روى الطبراني في معجمه الأوسط بسند لا بأس به – والأثر في مجمع الزوائد (1/ 79) – عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه مرتين، مرة ببصره ومرة بفؤاده]. إذن فهذه آثار مصرحة بأن نبينا عليه الصلاة والسلام حصلت له الرؤية للعزيز الغفار.
ثانيها: احتمال الآيات لهذا القول:
انتبه!! هناك فارق كبير بين قولنا نص الآيات وبين احتمالها، وإذا احتملت الآية هذا فاللائق بكرم الله ومنزلة رسول الله عليه الصلاة والسلام حصول هذا الأمر له.
ونقول: إذا احتملت وكان الاحتمال صحيحاً وجيهاً فهذا كافٍ في الدلالة.
فإذن الآيات تحتمل ولا تنص، لأنها لو نصت لما كان هناك مجال للخلاف في هذه القضية والذي دفعنا لقول هذا الاحتمال – كما قلنا – تفضيل الله لنبيه عليه الصلاة والسلام على غيره من؟؟؟ ولا مانع من أن تفضيله الله تعالى بهذا الأمر.
أي أن منزلة نبينا عليه الصلاة والسلام يليق بها حصول هذا التفضيل، فإذا احتملت الآيات ما يليق بكرم الله ومنزلة رسول الله عليه الصلاة والسلام ثبت هذا له كما سيثبت للمؤمنين في جنات النعيم، والله على كل شيء قدير.
أما الآيات التي تحتمل هذا، فهي أربع آيات:
1 - قول الله تعالى: (إنه هو السميع البصير)
وقد تقدم الكلام عليها عند آية الإسراء وقلنا في تفسير الضمير ومرجعه قولان:
الأول: أن يعود على الله، وهذا هو المعتمد أي أن الله سميع بصير.
الثاني: وحكى هذا أبو البقاء العُكْبري يمكن أن يعود على النبي صلى الله عليه وسلم أنه، أي هذا النبي الذي أسري به وعرج سميع لأوامري بصير بي حصلت له الرؤية وليس حاله كحال نبي الله موسى وهذا القول ليس هو المعتمد في تفسير الآية لكن الآية تحتمل هذا وليس في هذا الاحتمال؟؟؟؟؟ حتى نقول إنه مطروح وهذا هو المطلوب وهو كافٍ في الدلالة.
2 - قوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس)
وقد تقدم ذكر هذه الآية، وقلنا إنه ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: [هي رؤيا عين أُرِيْها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم].
وهذه الرؤيا شاملة للآيات العظيمة التي رآها في الأرض وفي السماء وفي؟؟؟؟؟.
¥