لجماعة سَمَّوا هَواهم سنة ? لجماعة حُمْرٌ لعمري موكفهْ
قد شبهوه بخلقه فتخوفوا ? شنع الورى فتستروا بالبلكفهْ
(حمر موكفة) هي حمير عليها الإكاف فهي مستعدة للركوب، والإكاف هو الذي يوضع على ظهر الحمار كالسراج للخيل.
(البلكفة) هي قولنا نراه بلا كيف، ويقصد أننا لما قلنا بأننا نرى ربنا خفنا أن يقول النار عنا مشبهة وأن يشنعوا علينا ويقولون كيف شبهتموه بالورى فتسترنا بالبلكفة، فحذار حذار من البلكفة فإنه من منصوبات طواغيت شيوخهم، هذا كلامه،وهو اعتقادنا بأننا كلما ذكرنا صفة قلنا: نؤمن بها من غير كيف لأن الله يقول (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
ونحن نقول إن كان هو شاعراً أفلا يوجد عندنا شعراء، فانظر بماذا أجابه أهل السنة:
هل نحن من أهل الهوى أم أنتم ? ومن الذي منا حمير موكفهْ
اعكس تصب فالوصف فيكم ظاهر ? كالشمس فارجع عن مقال الزخرفهْ
أترى الكليم أتى بجهل ما أتى ? وأتى شيوخك ما أتوا عن معرفهْ
إن الوجوه إليه ناظرة بذا ? جاء الكتاب فقلت هذا سفهْ
نطق الكتاب وأنت تنطق بالهوى ? فهوى الهوى بك في الهاوي المتلفهْ
فليلزم هو وكذلك الإباضية حدهم وليقفوا عنده، هل صار أعظم نعيم نتمناه ضلال؟ والذي يسأله يكون من الكافرين؟ نعوذ بالله من هذا.
القول الثالث:
ينفي الرؤية، أي لم تحصل هذه الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج.
تبنى هذا القول أمنا عائشة غفر الله لها ورضي عنها.
ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث مسروق أنه قال لأمنا عائشة: [يا أمتاه هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ فقالت: لقد قفّ شعري مما قلت] ومعنى هذا أن شعري قام من هول هذه الكلمة العظيمة فكيف تقول هذا، والإنسان إذا اعتراه وجل يصاب بمثل هذا كما قال جل وعلا (الله أنزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين لا يخشون ربهم) فإذا اعتراك وجل وهم ينقبض جلدك وكأن هناك برداً شديداً وتشعر بشعر رأسك كأنه انتصب، فهذا هو القف، ثم قالت له: [أين أنت من ثلاث، من حدثك أن محمد صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب، [وفي رواية فقد أعظم على الله الفرية] ورحمة الله على الإمام ابن خزيمة يقول في كتاب التوحيد ويلتمس عذراً لأمه: "قالت هذا في حال انفعال وغضب، ولا يجوز أن نقول إن من قال هذا إنه أخطأ فضلاً عن أن نقول إنه افترى فضلا ً عن أن نقول إنه أعظم الفرية" أي أن هذا الكلام صدر منها في حالة من الغضب ولا علم عندها في هذه المسألة فقالت على حسن ما عندها من العلم هذا اللفظ القاسي، فهي مخطئة في هذا وهي أمنا نستغفر لها ونترضى عنها ونسأل الله بفضله ورحمته أن يشفعها فينا إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وهذه شفاعة شرعية، وليست شركية، فإنك إذا سألت الله أن يشفع فيك أحداً من خلقه فهذه شفاعة شرعية بالإجماع، أما لو قلت: يا عائشة اشفعي لنا، فهذا هو المحظور وهي شفاعة شركية، لكن لو قلت اللهم شفع في أبا بكر، عمر، عثمان، علي ... اللهم شفع فيّ نبيك عليه الصلاة والسلام، شفع فيّ أمنا عائشة فهذا خالص التوحيد، فتطلب من الله أن يشفع لا تطلب من المخلوق، لأنه لا يشفع أحد إلا بعد أن يأذن له الرحمن ويرضى للمشفوع بحصول الشفاعة له، ولذلك نحن نطلب من الله أن يشفع فينا هذه الصديقة رضي الله عنها، ثم قالت: [؟؟؟؟؟ والله يقول (لا تدركه الأبصار)] ولو أردنا الوقوف معها لقلنا هل يصح هذا دليلاً على نفي الرؤية عن نبينا عليه الصلاة والسلام؟ ليس فيه دليل على الإطلاق، فالإدراك هو رؤية مع إحاطة والله جل وعلا يُرى ولا يُحاط به، فإذن الإدراك معنىً زائد على الرؤية هذا هو المعنى المعتمد.
وقيل لا تدركه: على التنزل لنجعل قول أمنا معتبراً، ويكون المعنى لا تدركه أي لا تراه في الدنيا بإحاطة أو غيرها ونستثني من هذا نبينا عليه الصلاة و السلام.
وقيل: وهو المعنى الثالث: لا تدركه في الآخرة إذا تجلى بنوره الذي هو نوره، فإذا تجلى بنوره الذي هو نوره فإنه لا يراه شيء في الدنيا ولا في الآخرة إلا مات واحترق والمؤمنون عندما يروه يكون بصورة تناسب قواهم في الآخرة، فإنه لو تجلى بنوره الذي هو نراه لم يره يابس إلا؟؟؟؟؟ ولا حي إلا مات، والأمر الثاني:
¥