تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى منهجهم هذا لا يمتنع اختلاق الوحدة-كيفما كانت- .. فإن لم تكن في الحدث ففي الشخص وإن لم تكن فيهما ففي الزمان أو المكان أو الشعور فإن لم تكن في واحدة من هذه ففي الرؤية أو التجرية الداخلية أو ماشاؤوا من التسميات ...

ولكن ألم يكونوا مزورين على الشاعر وعصره .. ؟؟

فما أدراهم أن الشاعر الجاهلي كان متأثرا بنظرية في الأدب ستوجد بعده بقرون؟

وما أدراهم أن المتذوقين في مكة أو الطائف كانوا يتلمسون في القصيدة وحدة ما ويحاسبون الشاعر عليها .. وهم الذين كانوا يستقبلون القصيدة بيتا بيتا .. فيهتزون لبيت واحد يسمعونه ويسمون صاحبه أشعر العرب لأنه قال البيت بعينه فلا يشيرون إلى ما قبله أو مابعده!

ثم ما نصيبنا من النزاهة عندما نفرض مقاييس عصرية على زمن غابر باد أهله! إلا أن يكونوا يذهبون إلى أن مقاييس الجمال كونية ثابتة عند بني آدم كلهم فما رآه "كولريدج" حسنا فهو عند "الأعشى" حسن!

ولو قيل لهم" أنتم حمير" لغضبوا مع أن أهل الجاهلية كانوا لا يجدون حرجا من تسمية أبنائهم وأزواجهم وأنفسهم بأسماء الحيوانات فمنهم ابن حمار و بنت جحش ومنهم كليب ومنهم نمير وأويس وأرقط ... بل كانوا يتفاءلون بهذه الاسماء باعتبارها مظهرا من مظاهر الحياة التي تستمر في وجودها المتحدي لبيئة قاتلة قاسية .. !

فإن قالوا نحن اليوم نتحرج فالحضارة ليست كالبداوة .. قلنا لهم وكذلك مقاييس الجمال!

-ثم نقلوا المبدأ إلى القرآن وانصرف فريق من المتأدبين كأمين الخولي وغيره فارتكبوا فاحشتين:

-إسقاط القيم العصرية على الماضي كما سلف.

-إخضاع القرآن لمقاييس الأدب .. فما يحسن في الشعر يحسن في القرآن أيضا .. ويتناسون أن رب العزة أقام حاجزا أبديا بين الشعر والقرآن .. فهل يعقل عند هؤلاء أن يقال" أعذب القرآن أكذبه"-تعالى الله- قياسا على"أعذب الشعر أكذبه" .. أو لم يروا أن السلف -رضي الله عنهم- حاولوا بكل وسيلة تمييز الشعر عن القرآن حتى أنهم خصصوا القرآن باصطلاح خاص .. فسموا أواخر جمله فواصل وتحرجوا من تسميتها سجعا (وهو سجع تحقيقا) وما ذلك إلا إمعانا في طرد شبح الشعر ..

ختاما نقول: لا مانع من وجود وحدة موضوعة في السورة ظاهرة أو خفية ولكن ذلك ليس على الوجوب،وليس ينبغي دائما التكلف في البحث عنها فينتصب الوهم غالبا .. والأدهى منه أن نعتبر الوحدة الموضوعية من وجوه إعجاز القرآن ... مع أننا-وهذا إحساس شخصي-نجد كل المتعة في أن تأخذنا السورة في سياحة واسعة:تشريع هنا وقصة هناك ووعد هنالك ووصف قبل ذلك ودعاء بعد ذلك ... والبحث عن وحدة في كل هذا تأكيد لعقلانية مفرطة لا مسوغ لها .. فالقرآن ليس حديثا يتلى للعقل فقط ولكنه حديث للقلب والوجدان والحس .. ورحم الله العلامة الشوكاني عندما انتقد أنصار التكلف للمناسبات .. وإن كنا نرى أن المناسبة أعم من الوحدة الموضوعية ومعلوم أن أحكام الأخص قد تختلف عن أحكام الأعم.

ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[05 - 06 - 08, 10:55 م]ـ

من أهم الأدلية على الوحدة الموضوعية للسورة:

1 - ((الاسم) فإن كثيرا من سور القرآن قد سماها النبي - صلى الله عليه وسلم- بنفسه، وهذا تشريع، أوسماها الله سبحانه وتعالى وإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بها، بل لو قال أحد بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد سمى كلَّ سور القرآن ما كان مخطأ والأدلة على هذا القول كثيرة. والحاصل أنَّ وضع اسم للسورة بتوقيف دليل على وحدة موضوعيتها، وهكذا نجد المفسرين اللذين قالوا بالوحدة الموضوعية للسورة يعتمدون على تحديدها بناء على الاسم الموضوع للسورة.

2 - وضع بعض الآيات في السورة قبل آيات في نفس السورة - من حيث ترتيب النزول -، ونزل آيات من سورة أخرى قبل اكتمال كثير من السور، فسورة البقرة مثلا نزلت خلا 10 سنوات في المدينة، وهذا أمر معلوم وأدلته واضحة جداً. والشاهد من ذلك: أن ترتيب الايات وتأخيرها عن غيرها مما نزل قبلها، وترك السورة غير مكتملة وتنزل بعض السور الأخرى قبل اكتمالها، هذا كله دليل على الوحدة الموضوعية للسورة، فما قيمة التأخير والتقديم، وغير ذلك مما تقدم.

وهناك أدلة كثيرة أذكرها في وقت آخر، ولكن أختم بالتعليق على ((ختاما)) للأخ المشارك.

قال:

ختاما نقول: .... والأدهى منه أن نعتبر الوحدة الموضوعية من وجوه إعجاز القرآن ... مع أننا-وهذا إحساس شخصي-نجد كل المتعة في أن تأخذنا السورة في سياحة واسعة:تشريع هنا وقصة هناك ووعد هنالك ووصف قبل ذلك ودعاء بعد ذلك ... والبحث عن وحدة في كل هذا تأكيد لعقلانية مفرطة لا مسوغ لها .. .

تنكر على الآخرين عقلانيتهم - إن صح أنه أمر عقلاني - ثم تختم بإحساسك؟!! فما قيمة إحساسك هذا أمام عقول العلماء؟!!!

بل أقول دعك من عقلك، وسلم إحساسك لعقول العلماء اللذين يعقلون عن الله ما لا نعقله. والحمد لله رب العالمين

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[10 - 06 - 08, 07:47 م]ـ

بارك الله في صاحب الموضوع والرادّ عليه وبعد

لعل من أهم أسباب إحياء وحدة الموضوع في السور والآيات هو هجمات المستشرقين - وبعض أبناء جلدتنا ممن اتخذوهم أربابا من دون الله - بقولهم أن القرآن فيه أخذ ورد، تكرار وإطناب، عبث وعشوائية .. في السرد والتعبير؛ فتكون نظرية الوحدة الموضوعية -سليل نظرية التناسب بين الآيات والسور- من أفحم الردود عليهم أخزاهم الله

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير