تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[لطائف الأعداد في السنة والكتاب]

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[04 - 07 - 08, 09:03 ص]ـ

الحمد لله حمدا كثيرا، قال عَزَّ مِن قائل: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}، وصلى الله على محمد - عبد الله - أرسله مبشرا ونذيرا وسراجا منيرا، أما بعد:

فَلِكثرة ما يلقى في هذا المنتدى المبارك وغيره من أقوال صادّة، ومباحث جادّة إزاء الإعجاز العددي في القرآن الكريم، وتناسب الكلمات والآيات والسور عدديا ورقميا، كان لابد من وضع النقاط على الحروف، للإجابة على هذا التساؤل: هل لهذا العلم أصل في الشرع؟ وهل له بذور عند السلف؟

ففي تفسير القرطبي (1/ 92): "روى وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ليجعل الله تعالى له بكل حرف منها جُنة من كل واحد. فالبسملة تسعة عشر حرفا على عدد ملائكة أهل النار الذين قال الله فيهم: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ}، وهم يقولون في كل أفعالهم: "الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فمن هنالك هي قوتهم، وببسم الله استضلعوا. قال ابن عطية: ونظير هذا قولهم في ليلة القدر: إنها سبع وعشرين، مراعاة للفظة "هي" من كلمات سورة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}، ونظيره أيضا قولهم في عدد الملائكة الذين ابتدروا قول القائل: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فإنها بضعة وثلاثون حرفا، فلذلك قال النبي الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول". قال ابن عطية: وهذا من ملح التفسير وليس من متين العلم" اهـ.

يظهر من كلام القرطبي اعتماد الأعداد كنوع من أنواع التأويل، وختم بقول ابن عطية الذي يكاد يكون قاعدة في التعامل مع هذا العلم: هذا من ملح التفسير لا من متين العلم.

ومما قاله ابن حجر في حديث رفاعة بن رافع المتقدم في كلام القرطبي: "قيل الحكمة في اختصاص العدد المذكور من الملائكة بهذا الذكر أن عدد حروفه مطابق للعدد المذكور، فإن البضع مع الثلاث إلى التسع وعدد الذكر المذكور ثلاثة وثلاثون حرفا، ويعكر على هذا الزيادة المتقدمة في رواية رفاعة بن يحيى وهي قوله: "مباركاعليه كما يحب ربنا ويرضى" بناء على أن القصة واحدة. ويمكن أن يقال: المتبادر إليه هو الثناء الزائد على المعتاد وهو من قوله: "حمدا كثيرا إلخ" دون قوله: "مباركا عليه" فإنه كما تقدم للتأكيد وعدد ذلك سبعة وثلاثون حرفا، وأما ما وقع عند مسلم من حديث أنس: "لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها" وفي حديث أبي أيوب عند الطبراني: "ثلاثة عشر" فهو مطابق لعدد الكلمات المذكورة في سياق رفاعة بن يحيى ولعددها أيضا في سياق حديث الباب لكن على اصطلاح النحاة، والله أعلم".

فابن حجر لم ينكر هذه الموافقات العددية، بل راح يجمع الأقوال ويجعل لها إمكانية حفاظا على المعنى المستفاد.

وفي مقدمة "أصول الدين" للإمام أبي منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي (429هـ): "هذا كتاب ذكرنا فيه خمسة عشر أصلا من أصول الدين وشرحنا كل أصل منها بخمس عشْرة مسألة من مسائل العدل والتوحيد والوعد والوعيد ... "

ثم يقول بعد ذكر الأصول: "وقد جاءت في الشريعة أحكام مرتبة على خمسة عشر من العدد، وأجمعت الأمة على بعضها واختلفوا في بعضها، فمنها على اختلاف سن البلوغ لأنها عند الشافعي في الذكور والإناث خمس عشرة سنة بسنيِ العرب دون سني الروم والعجم، ومنها مدة أكثر الحيض عند الشافعي وفقهاء المدينة خمسة عشر يوما بلياليها، ومنها أول الطهر الفاصل بين الحيضتين فإنه عند أكثر الأئمة خمسة عشر يوما ... فأما على أصل أبي حنيفة وأتباعه فإن كلمات الأذان عندهم خمس عشرة، ومقدار مدة الإقامة التي توجب إتمام الصلاة خمسة عشر يوما ... وأجمعوا على وجوب خمسة عشر درهما في زكاة ستمائة درهم، وخمسة عشر دينارا في زكاة ستمائة دينار، فإذا بلغت الإبل السائمة ستمائة وجب فيها خمس عشرة بنت لبون ... وإذا بلغت البقر السائمة ستمائة وجب فيها خمس عشرة مُسنّة ... فإن كانت أربعمائة وخمسين بقرة وجب فيها خمسة عشر تبيعا أو تبيعة، وأجمعوا على أن الواجب في مُنَقِّلة الرجل الحر خمس عشرة من الإبل، وفي ثلاثة من أسنان الرجل الحر خمسة عشر بعيرا، وفي ستة من أسنان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير