[إرواء الإنسي من فيض آية الكرسي ..]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 - 06 - 08, 11:42 م]ـ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)
ملاحظات أولى:
1 - انتظم في الآية تناوب الإثبات والنفي:
الله (إثبات)
لا إله (نفي)
إِلَّا هُوَ (إثبات)
الحي القيوم (إثبات)
لا تأخذه سنة ولا نوم (نفي)
له ما في السموات وما في الأرض (إثبات)
من ذا الذي يشفع عنده (نفي)
إلا بإذنه (إثبات)
يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم (إثبات)
ولا يحيطون بشيء من علمه (نفي)
إلا بما شاء (إثبات)
وسع كرسيه السموات والارض (إثبات)
وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا (نفي)
وهو العلي العظيم (إثبات)
2 - انتظم في الآية نسق ثنائي:
الْحَيُّ/ الْقَيُّومُ
لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ/ وَلَا نَوْمٌ
لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ /وَمَا فِي الْأَرْضِ
مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ/ وَمَا خَلْفَهُمْ
السَّمَاوَاتِ /وَالْأَرْضَ
الْعَلِيُّ /الْعَظِيمُ
3 - انتظم في الآية أسلوب الحصر
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ
وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ.
4 - اشتملت الآية على ست عشرة إحالة لغوية على ذاته عز وجل
-الأسماء الصريحة خمسة:
الله، الحي، القيوم، العلي،العظيم
-الضمائر المنفصلة اثنان:
هو (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)
هو (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
-الضمائر المستترة اثنان:
فاعل المضارع يَعْلَمُ
فاعل الماضي شَاءَ
-الضمائر المتصلة سبع:
تَأْخُذُهُ
لَهُ
عِنْدَهُ
بِإِذْنِهِ
عِلْمِهِ
كُرْسِيُّهُ
يَئُودُهُ
[ومن الطريف أن جاءت الضمائر مرتبطة بكل أنواع الكلم (فعل، حرف،اسم، ظرف)]
************
أ-اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
1 - هذا المطلع منبه لوحده على مبدأ التوحيد وأنواعه الثلاث:
فالمبدأ دل عليه أسلوب الحصر حيث انتفت المعبودات الباطلة كلها وثبت المعبود الحق .. وفي الأسماء السنية الثلاثة حصلت الدلالة على الأنواع:
فاسم"الله " علامة على توحيد الألوهية
واسم "الحي" علامة على توحيد الصفات
واسم" القيوم "علامة على توحيد الربوبية.
2 - الحي القيوم:
الترتيب في ذكر الصفتين بديع على أكثر من اعتبار:
فصفة الحياة لازمة، وصفة القيومية متعدية ..
صفة الحياة صفة ذات، والقيومية صفة فعل
الحياة كمال في الذات،والقيومية إكمال للغير ...
ولعل ملحظ الإحاطة بهذه المعاني في "الحي القيوم" هو ما جعل بعض السلف يرون في الحي القيوم اسم الله الأعظم .. والعبد-من جهة أخرى- إذا دعا ربه بهذا الاسم يكون قد جاء بأنواع التوحيد كلها مرة واحدة:
فتوحيد الألوهية في الفعل أي الدعاء نفسه.
وتوحيد الأسماء والربوبية في اعتقاد معاني الاسمين.
3 - اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ..
هذا المطلع- من جهة خطاب الحجاج- مؤلف من دعوى ودليلها
فكأن قائلا اعترض:ولماذا (أو بماذا) استحق الله وحده العبادة.
فالجواب: لأنه وحده الحي القيوم.
ب- الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ.
تعبير "لا تأخذه سنة ولا نوم"جاء لتأكيد للصفتين الثابتتين بسلب الضد ..
فالنوم هو أخو الموت كما هو معروف فنفيه تأكيد لصفة" الحياة"
والنوم من جهة أخرى سبات وانقطاع فنفيه تأكيد لاستمرارية القيومية .. وهكذا جاء السلب تأكيدا للثبات على قاعدة أهل السنة في أن السلب في الأسماء والصفات ليس عدميا محضا بل يتضمن دائما ثبوتا بوجه من الوجوه، لأن العدم المحض لا مدح فيه أو به ...
لماذا تقدمت السنة على النوم في الترتيب مع أن القياس يقتضي تقديم النوم على السنة؟
فأهل المعاني يقررون أن في الإثبات يجب تقديم الأقوى على الأضعف وفي النفي عكسه ..
¥