ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[19 - 06 - 08, 05:38 ص]ـ
أخي المتولي، كلُّ الناس سيدخلون النار برُّهم وفاجرُهم؛ لقوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا} لكن منهم من ينجو من عذابها ومنهم من يذوق عذابها والعياذ بالله.
فأسأل الله أن يخرجنا منها سالمين ويدخلنا الجنة غانمين.
قال الشنقيطى رحمه الله فى اضواء البيان:
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)
اختلف العلماء في المراد بورود النار في هذه الآية الكريمة على أقوال:
الأول: أن المراد بالورود الدُّخول، ولكن الله يصرفُ أذاها عن عباده المتقين عند ذلك الدخول.
الثاني: أن المراد بورود النار المذكور: الجواز على الصراط، لأنه جسر منصوب على متن جهنم.
الثالث: أن الورود المذكور هو الإشراف عليها والقرب منها.
الرابع: أن حظ المؤمنين من ذلك الورود هو حر الحمى في دار الدنيا. وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البيان التي تضمنها الاستدلال على أحد المعاني الداخلة في معنى الآية بكونه هو الغالب في القرآن فغلبته فيه دليل استقرائي على عدم خروجه من معنى الآية. وقد قدمنا أمثلة لذلك. فإذا علمت ذلك - فاعلم أن ابن عباس رضي الله عنهما استدل على المارد بورود النار في الآية بمثل ذلك الدليل الذي ذكرنا أنه من أنواع البيان في هذا الكتاب المبارك.
وإيضاحه - أن ورود النار جاء في القرآن في آيات متعددة، والمراد في كل واحدة منها الدخول. فاستدل بذلك ابن عباس على أن «الورود في هذه الآية التي فيهاالنزاع هو الدخول»، لدلالة الآيات الأخرى على ذلك، كقوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة فَأَوْرَدَهُمُ النار وَبِئْسَ الورد المورود} [هود: 98] قال: فهذا ورد دخول، وكقوله: {لَوْ كَانَ هؤلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأنبياء: 99] فهو ورود دخول أيضاً، وكقوله: {وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ وِرْداً} [مريم: 86] وقوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98] وبهذا استدل ابن عباس على نافع بن الأزرق في «أن الورود الدخول».
واحتج من قال بأن الورود: الإشراف والمقاربة بقوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ} [القصص: 23] الآية. قال: فهذا ورود مقاربة وإشراف عليه. وكذا قوله تعالى: {فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ} [يوسف: 19] الآية. ونظيره من كلام العرب قول زهير بن أبي سلمى في معلقته:
فما وردن الماء زرقاً جمامه ... وضهن عصي الحاضر المتخيم
قالوا: والعرب تقول: وردت القافلة البلد وإن لم تدخله، ولكن قربت منه. واحتج من قال بأن الورود في الآية التي نحن بصددها - ليس نفس الدخول بقوله تعالى: {إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الحسنى أولئك عَنْهَا مُبْعَدُونَ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشتهت أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء: 101 - 102] قالوا: إبعادهم عنها المذكور في هذه الآية يدل على عدم دخولهم فيها؛ فالورود غير الدخول.
واحتج من قال: بأن ورود النار في الآية بالنسبة للمؤمنين - حر الحمى في دار الدنيا - بحديث «الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء» وهو حديث متفق عليه من حديث عائشة وأسماء ابنت أبي بكر، وابن عمر ورافع بن خديج رضي الله عنهم.
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[22 - 06 - 08, 07:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ...
ولكني أفهم من قوله تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوْا ونذر الظالمين فيها جثيا} أن الكل قد دخلها.
وعمومًا: كلٌّ منا له سلف.
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[22 - 06 - 08, 07:44 م]ـ
الاية تتحدث عن خلود المنعمين فى الجنة لكن فيها استثناء فلمن هذا الاستثناء
زيادةً على ما ذكر الإخوة الفضلاء أقول:
إنني سمعت أحد مشايخنا يقول أن ((ما)) من قوله تعالى: {إلا ما شاء ربك} للعاقل أي أنها بمعنى ((من)).
قلت: وعليه يكون الإسثناء منقطعا،ويحتمل أن يكون المسوغ لمجيء ((ما)) بمعنى ((من)) هنا هو كون المراد صفات من يعقل.
فما رأي أهل اللغة؟
ـ[ابن حنبل]ــــــــ[23 - 06 - 08, 09:53 م]ـ
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال: الاستثناء هنا للوقت, أي خالدين فيها ما بقيت السماوات والأرض, وهو خلود مؤقت, ثم جاء الاستثناء فصار المعنى للخلود الدائم.
لا أذكر أين استمعت لهذا الشرح لعله في شرحه الثاني للقواعد المثلى في الأسماء والصفات.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[23 - 06 - 08, 10:21 م]ـ
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال: الاستثناء هنا للوقت, أي خالدين فيها ما بقيت السماوات والأرض, وهو خلود مؤقت, ثم جاء الاستثناء فصار المعنى للخلود الدائم.
لا أذكر أين استمعت لهذا الشرح لعله في شرحه الثاني للقواعد المثلى في الأسماء والصفات.
أرجو أن تتأكد من المعلومة .. فما نقلته عن الشيخ لا يجوز لأنه لايمكن استثناء الأكثر من الأقل .. والظاهر أن الاستثناء هنا متصل فلا يصح استثناء الخلود الدائم من الخلود المؤقت ... إلا أن تكون "إلا"بمعنى" لكن" .. أي للاستدراك لا للاستثناء ..
¥