في ذلكَ مِصْداقَ ما ذكَرَهُ شَيْخُنا أثابَهُ الله.
غَيْرَ أن الطالِبَ لا يَسَعُهُ أن يَصْنَعَ هذا أولَ الطلَب، خاصَّةً وأنَّ مِنْها ما نَصَرَ مُصَنِّفُوها أقوالَ أهْلِ البِدَعِ في الاعْتِقاداتِ؛ كَما صَنعَ الزمَخْشَرِي في الكشافِ بِنَصْرَتِهِ أقوالَ المُعْتَزِلَة؛ حتى قالَ الإمامُ أبو حيان: أخْرَجْتُ الاعْتِزالَ مِن كِتابِهِ بالمَناقِيش!، وكما صَنَعَ البيْضاوِيُّ في تَفْسيرِهِ حيثُ أدرَجَ فيهِ عقائِدَ الأشاعِرَةِ مَعَ كَثْرَةِ فَوائِدِ الكتاب.
والواجِبُ عَلى الطالِبِ أن يَبْدَأَ بالتَفاسيرِ التي نصرَتْ مذاهِبَ أهلِ السنَّةِ، ومِن أحْسَنِها تَفْسيرُ ابنِ كثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ على هَناتٍ فيه، ومَعَ ذلكَ فأرى أن البدْءَ بهِ عَسِرٌ على المُبْتَدئِ لأنَّهُ طَوَّلَهُ بالأسانِيدِ وبَعْضِ الاستطراداتِ في المباحِثِ الفِقْهِيَّةِ التي لا تُناسِبُ المُبْتَدِئين؛ معَ ما في كِتابِهِ مِنْ شَوبِ الاسرائِيلِيَّاتِ التي لَم يَسْلَم مِنها على جلالَةِ قدْرِهِ رحِمَهُ الله.
فأحْسَنُ ما يَبْدَأُ بِهِ الطالِبُ هُوَ مَعْرِفَةُ غَريبِ القرْآنِ بالاسْتِعانَةِ بِما صُنِّفَ فِيه مِن الكُتب؛ ثُمَّ يَقْرَأُ عَلَى مَن تَيسَّرَ مِن الشيُوخِ كُتُبَ التفْسيرِ مِن صِحيحِ البخارِيِّ فإنْ ضَمَّ إلَيْهِ شَرْحَ الحافِظِ فَحَسَنٌ؛ ومِنْ صحيحِ الإمامِ مُسْلَمٍ رَحِمَهُ الله، ومِن السنَنِ الكُبْرَى للنسائِيِّ؛ ومِنْ زَوائِدِ المُسْنَدِ للهَيْثَمِيِّ رَحِمَ اللهُ الجَميع؛ وكلُّ ذلكَ بُغْيَةَ الاطلاعِ عَلى طَرِيقَةِ المُحَدِّثينَ أولاً.
ثُمَّ يَعْكِفُ عَلى مُخْتَصَرٍ من مُخْتَصَراتِ التفْسير، ولَوْ كانَ عُمْدَةُ التفْسيرِ للعلامَةِ أحمدَ بنِ مُحمد شاكر كامِلاً لَمْ أقدِّمْ علَيْهِ سواه؛ فإنَّ للكِتابِ كَثَيراً من الاخِتِصارَاتِ؛ وإنَّما الكتابُ بِمَن اخْتَصَرَه؛ والشيخُ رَحِمَهُ اللهُ جَمَعَ إلى إتْقانِهِ عُلُومَ الآلَةِ كَوْنَهُ سَلَفِيَّ العَقِيدَةِ؛ مَعَ الانْشِغالِ الواسِعِ بِعُلُومِ الحَديث!؛ فَلْيَعْدِلِ الطالِبُ إذنْ إلى كتابِ المصباحِ المُنِيرِ فِي تهْذيبِ تَفْسيرِ ابنِ كثير؛ للمُباركْفُورِيِّ رَحِمَهُ الله، فإنهُ حسنُ التهْذيبِ واضحُ العبارة قَرِيبُ المُجْتَنَى؛ وقَدْ اسْتَشَرْتُ فيه بَعْضَ شُيُوخِنا مِمَّنْ حازَ في هذا الفَنِّ شَأْواً بعِيداً فأثْنَى عَلَيهِ؛ وفَضَّلَهُ على تَفْسيرِ السعْدِي رَحِمَ اللهُ الجَمِيع؛ وفِي كُلٍّ خَيْر، نَعَمْ وتَفْسيرُ الجلالَينِ حَسنٌ جِداً وهُوَ جَزْلُ العِبارَةِ دَقِيقُ الاخْتيار؛ لكنْ لا بُدَّ للطالِبِ مِنْ أستاذٍ يُنَبِّهُهُ عَلى مَواضِعِ الخطأ فيه؛ في الأسماءِ والصفاتِ خاصَّةً.
فإنْ استَوْعَبَ عِبارَةَ المُخْتَصَرِ فَلْيَعُدْ بَعْدَ ذلكَ إلى الأصْلِ وليَقْرَأْهُ بِتَمامَهِ معَ الاسْتِعانَةِ بِمطالَعَةِ تَفْسيرِ ابنِ جَريرٍ رَحِمَهُ الله.
فإن استَطاعَ بَعْدَ ذلكَ أنْ يَقْرأَ عَلَى الشيوخِ كُتُباً أو أجزاءً في مَناهِجِ التفْسيرِ الأخْرى كالبَيضاوِيِّ؛ وعَلَيهِ كثيرٌ من الحواشي والشروح؛ ومِنْ أحْسَنِها حاشِيَةُ شَيْخ زاده؛ ومِثْلِ أحْكامِ القرآنِ لابنِ العَرَبِيِّ، ونَحْوِها، فإن لمْ يَقْدِرْ على قِراءَةِ هذه الكتُبِ بِتَمامِها فَلْيَقْرأْ سُورَةَ البقَرَةِ مِنها؛ فقد كانوا يُقُولون: مَنْ قَرأَ تَفْسيرَ البقَرَة فكأنَّما قَرَأَ تَفْسيرَ القرآنِ كُلَّه.
وفِي الكلامِ عَلى مَنْهَجِ دِراسَةِ التفْسيرِ طولٌ ليسَ هذا مَوْضِعَهُ؛ وباللهِ التوفيق.
كان الله له
وكتبَه: أبو الوليد الغزي الأنصاريّ.
ـ[سفيان السلفي]ــــــــ[13 - 04 - 10, 11:53 م]ـ
أصح التفاسير و أفضلها هو تفسير ابن كثير رحمه الله لكن لابد من البدأ بكتاب مختصر و من أروع التفاسير المختصرة و التي للأسف أعرض عنها كثير من طلبة العلم تفسير الشيخ فيصل المبارك , فهو يعطيك عبارات سهلة ميسرة تحمل معاني عظيمة و يجعلك تستوعب القرآن بطريقة عجيبة و هذا دليل على حسن نية صاحبه رحمه الله
ـ[أبو عبد الملك المصرى الأثري]ــــــــ[07 - 06 - 10, 03:32 ص]ـ
2 - صفوة التفاسير للصابوني وإن كان فيه ما فيه، إلا أنه جاء مختصرا نافعا، والحق يقال، فلا أرى معنى لتحذير طالب العلم منه إن كان قد درس العقيدة السلفية، ومثله يقال عن الزمخشري، وإن كان الأخير بحاجة إلى عدة علمية أقوى، إلا أن فيه من الفوائد الشيء الكثير، ولا أدري هل طالب العلم الذي سيقرأ في التفسير لم يطلع على العلوم الأخرى! حتى يقال له: احذر تفسير الصابوني! إن كان الحال كذلك!، فاليحذر تفسير ابن كثير، فقد حوى أقاويل اسرائيلية لا تقل خطرا عن غيرها!
والأمر فيه مجال للاجتهاد، حتى ما ذكره العلامة بكر أبو زيد رحمه الله في (حلية طالب العلم) حين تكلم عن مراتب الطلب، يمكن أن يعاد النظر فيه، والله اعلم.
هذا من أفضل ما قرأت فى هذه المشاركة
وجزاك الله خيراً أخى الفاضل
فالذى يبدأ فى دراسة علم التفسير بالتأكيد يكون قد درس العقيدة والسيرة والأخلاق والفقة
والمقصود ليست الدراسة المتبحرة ولكن نبذات تمكنه من الفهم والتحليل وتمييز السليم من العليل
وإن كان من أهم مايعين ويفيد طالب العلم فى التفسير أو غيره هو تلقين الأستاذ أو الشيخ
فلا يفيد الكتاب بدون التتلمذ على يد أحد العارفين بهذا العلم فربما يخطئ طالب العلم فى فهم سطر أو يختلط عليه هذا بذاك وللأسف هذا منتشر بشدة فى هذه الآونة مما نراه على منابر المساجد
فمن أراد أن يلتمس علماً ويتعمق فيه فيكون من الأفضل له أن يصاحب شيخاً من شيوخ هذا العلم المشهود لهم ويتلقى العلم على يديه فيكون عوناً له على فهم الصعب وشرح المبهم
والله أعلم
¥