تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [1] ( http://www.alukah.net/articles/7/3060.aspx#2)

، وهي الآية التي صدر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

خطابه إلى قيصر وكسرى في الدعوة إلى الإسلام، وهما لا يعرفان

العربية، وإنما يتلقَّيان معناها من طريق الترجمة كبقية

ما اشتمل عليه خطاب الدعوة.

فنقل المعنى الأصلي لآية أو آيات من هذا القبيل جائز، وهذا

ما يريده أبو إسحاق الشاطبي فيما حكينا عنه آنفًا، ويصح أن

يتفق أهل الإسلام على جوازه، أما ترجمة المعاني الأصلية

للقرآن كله أو لجزء كبير منه متتالي الآيات، فيلحقها من الخلل

ما يوجب الحذر منه.

يقع في الذهن أن لترجمة القرآن المجيد فائدة، هي نشر

دعوة الإسلام بين الشعوب التي لا تفهم الكلام العربي،

ويضاف إلى هذا أن كثيرًا من الأوربيين قد صنفوا ما سموه

ترجمة القرآن، واشتملتْ هذه التراجم على أخطاء فاحشة،

صدرت منهم على جهالة أو على عمد، ولا يكفي شر هذا الفساد

إلا أنْ ننقل معاني القرآن إلى تلك اللغات على وجه صحيح.

ويتراءى إزاء هذا وجوهٌ من الفساد تعترض في سبيل ترجَمته،

حرفيَّة كانتْ أو معنويَّة، ومن هذه الوجوه أن يكونَ اللَّفْظُ ذا

معنَيَيْنِ أو معانٍ تحتملها الآية، فيضطر المترجم إلى أن يضع بدله

من اللغة الأجنبية اللفظ الموضوع لما يختاره من المعنيين أو

المعاني، حيث لا يجد لفظًا يشاكل اللفظ العربي في احتمال

تلك المعاني المتعددة.

واشتمال القرآن على آيات كثيرة تحتمل وجوهًا من التأويل،

ولا سيما الآيات المتشابهة؛ كآيات الصفات - يجعل من يحاول

ترجمته مضطرًا إلى أن يأخذ في الترجمة بالوجه الذي يراه

راجحًا، فتخرج التراجم - إذا تعددت - مختلفة اختلافًا متباعدًا،

وذلك الاختلاف يفتح بابًا لتوهُّم المطَّلعين عليها من غير

العارفين بالعربية - أنه قد وقع في نسخ القرآن اختلاف؛ كما

وقع في غيره من الكتب السماوية.

ثم إننا لا نأمن من إخراج شيء يقال له ترجمة القرآن، أن تحل

هذه التراجم في أذهان العامة من غير العرب محل القرآن

نفسه، ويكتفون بها عن قراءة القرآن في الصلاة، وتلاوته

على وجه التعبد، ولا يدرون أنهم يتعبدون بغير ما أنزل الله.

ونستخلص من هذا البحث أن القرآن يراعي في حقيقته

المعاني الأصلية مضمومًا إليها المعاني الثانوية التي هي

وجوه بلاغته.

وترجمة المعاني الأصلية وحدها، وتسميتها ترجمة للقرآن

- يوهم أن المترجم أخذ معاني القرآن من أطرافها ونقلها إلى

اللغة الأجنبية، كما يقال في ترجمة غيره: ترجمة طبق الأصل،

وهذا هو الفرق بين التفسير والترجمة؛ فالمفسر يتكلم

بلهجة المبين لمعنى الكلام على حسب فهمه، فكأنه يقول للناس:

هذا ما أفهمه من الآية، والمترجم يتكلم بلهجة من أحاط بمعنى

الكلام، وصبه في ألفاظ لغة أخرى.

فكأنه يقول: معنى هذا الكلام هو عين معنى الآية، وشأن المفسر

أن يقول: يعني كذا، وشأن المترجم أن يقول: قال كذا؛ ولهذا الفرق

منع كثير من أهل العلم رواية الحديث بالمعنى؛ لأنها في الحقيقة

من قبيل الترجمة، ولم يختلفوا في جواز شرح الحديث؛ لأنه من

قبيل التفسير.

والعمل الذي يُصان به القرآن الكريم من تحريف أو وهْم يتسرَّب

إليه من طريق الترجمة، ويقضي هو ... دعوته العامة الخالدة،

ويمكِّن مَن لا يعرف العربية من الاطلاع على جانب عظيم

من المعاني المودعة في ألفاظه المنزلة من عند الله – أن يتولى

طائفة من الراسخين في الإيمان وفهم القرآن تأليف تفسير باللسان

العربي، لا يزيدون فيه على ما يفهم على وجه التحقيق من الآية،

مع ملاحظة ما اقتضى الإيجاز حذفه، ثم يتولى طائفة ترجمة هذا

التفسير بأمانة وبراعة، وتظهر هذه الترجمة بعنوان

"ترجمة تفسير القرآن"، وينبه على أن التفسير ألفته لجنة وترجمته

تحت إشراف رياسة دينية حازمة، ومن المعهود أن التفسير لا يخلو

من كلمة تنبئ أنه تفسير لا ترجمة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ( http://www.alukah.net/articles/7/3060.aspx#1) آل عمران – الآية 64.

http://www.alukah.net/articles/7/3060.aspx

ـ[أبو عبيد السلفي]ــــــــ[06 - 08 - 08, 03:47 م]ـ

بارك الله فيك

ـ[ياسمى]ــــــــ[06 - 08 - 08, 10:43 م]ـ

بارك الله فيك

السلام عليكم

و فيك بارك

شكرا على مرورك الكريم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير