ويمتنع عقلا: لأننا إن أبقينا صفة من الصفات في المشدد وقلنا مثلا: تفخم الأولي وترقق الثانية أو العكس .. فلا فرق حينئذ بين الإدغام الكامل والإدغام الناقص!! لأن الإدغام الناقص بقاء صفة وهم قد أبقوا صفة الحرف المدغم، إذن فلا فرق عندهم بين "أحطت" وبين "قد تبين" ولا قائل بذلك فبطل قولهم .. والله أعلم
وقد قابلت الشيخ إيهاب فكري في الحرم المدني وتحدثتُ معه في هذه النقطة .. فقلتُ له ما ذكره في كتابه، وأخبرته بأن هذا لا يصح.فقال لي: لا نريد أن نأخذ بالرأي الواحد في المسألة فما دام هناك من قرأ بهذا وذاك فلا نرد ما قرأ به المشايخ ... فقلتُ له: فضيلتكم يا شيخ أخذتم بالرأي الواحد في مسألة الضاد الظائية وأطلقت عليهم "المرعشيين" مع أن هناك من قرأ بهذا وذاك.
فقال: الضاد الظائية ضاد مخترعة ولم تكن موجودة فلا يقارن بمسألتنا.
((في حقيقة الأمر لم أرد أن أدخل في قضية الضاد معه مع عدم قناعتي بصحة ما قاله في الضاد الظائية .. وسكتُّ لأني كنت أريد عين مسألة المشدد)) فقال د/ إيهاب: نريد أن نتفق علي أصل حتي لا نتفرع عن هذه النقطة.
فقلتُ: حسنا .. المعلوم أن أي شيخ قد يعتريه عدم التركيز أو النوم أو أي عارض بحيث لا يستطيع أحد أن يجزم أن كل حرف من قراءته قد سمعه الشيخ، لربما كان الشيخ منشغلا بمشكلة والظاهر أنه يستمع للطالب والأمر ليس كذلك وووو .. والطالب لا يسئل شيخه في كل صغيرة وكبيرة لأي عذر كان، ولربما تطرأ عليه البحث في مسألة بعد الانتهاء من قراءته .. فاتفقنا علي هذا.
ثم ذكرت له أقوال الداني وابن الجزري وأقوال مشايخنا في هذه النقطة، ثم ذكرت له: قضية عدم الفرق بين الإدغام الكامل والناقص .. وكل ذلك بعد مداولات ومناقشات ثم توقف عند الكامل والناقص وقال: أنا أسلم لك في هذه النقطة وسأبحث في الموضوع ... ثم افترقنا علي ذلك.
مسألة إدغام الواو والياء في النون الساكنة أو التنوين:
كثير من القراء عند إدغام النون الساكنة أو التنوين في الواو والياء يجعل معظم الغنة من الخيشوم ويخلُّ بمخرج الياء والواو ـ وخاصة الواو ـ.
فلو أراد القارئ النطق بالغنة مع الواو يجب أن يكون وضع الشفتين في هذه الحالة مثل وضع الشفتين عند نطق الواو من (أو) أي يضم الشفتين قليلا إلي الأمام مثل نطقه بالواو الساكنة. ثم يأتي بالغنة بعد ذلك.وكذا بالياء تأتي بالمخرج ثم الغنة .. وكذا في اللام والراء في حالة القراءة بالغنة فيهما، تأتي بالحرف ثم تغن بعد ذلك.
وذكر د/ إيهاب هذه المسالة فقال في كتابه "أجوبة القراء الفضلاء " في جواب عن طريق أداء الغنة في اللام والراء لمن قرأ بالغنة من طريق الطيبة.هل تسبق الإدغام الحرف أم تكون معه؟؟
فأجاب قائلا: إنها تكون ملازمة معه للإدغام لأن صفة الحرف معه لا قبله والغنة صفة للنون والتنوين ولا تسبق الصفات الحرف، فلا تسبق صفة التفخيم نطق الضاد والصاد مثلا.
فسأله صاحب السؤال: لكن بعض القراء يقولون: إنهم تلقوها ـأي الغنة ـ سابقة للإدغام؟؟
فأجاب بشذوذ قراءتهم لمخالفتها للجمهور) ا. هـ29
فردُّه لقول من قال إن الغنة تسبق الحرف صحيح، أما القول بأن الغنة ملازمة للحرف غير صواب للآتي:
أولا: تشبيه صفة الغنة بالصفات الأخري التي مثل بها د/ إيهاب حيث قال: " والتنوين ولا تسبق الصفات الحرف، فلا تسبق صفة التفخيم نطق الضاد والصاد مثلا ... " لا يصح .. لأن صفة الغنة صفة مغايرة لسائر الصفات الأخري لأن صفة الغنة لها مخرج مخصوص مغاير لمخرج الحرف. فيحدث لها نقل من المخرج للخيشوم
والدليل علي مغايرة الغنة لسائر الصفات أن غنة النون الساكنة والتنوين تفخم إذا كان بعدها بعض أحرف التفخيم، بينما النون مرققة أبدا، فغايرت الصفة ـ الغنة ـ الحرف، وتفخيم الغنة من مذهب د/ إيهاب فقد ذكره في أجوبته فقال: ... والحاصل أن تفخيم قبل حرف الاستعلاء يقتضيه الطبع السليم وذلك حتي يهئ القارئ جهاز النطق لتفخيم الحرف التالي.) صـ 34 أليس ذلك دليلا علي مغايرة صفة الغنة لغيرها؟؟.
ثانيا: النصوص دالة علي أن غنة الإدغام تكون علي الحرف المدغم فيه (أي علي الواو والياء والراء واللام) أي في حالة القراءة بالإدغام في الراء واللام مع الغنة في بعض طرق حفص.
¥