ما أجمل هذا المثل وما أعذبه، فماء المفاصل هو الماء الذي يتكون بفعل الأمطار عند منفصل الجبل، فيتجمع عادة في هذا المكان الحصى الصغير الأملس فيكون الماء فوقه صافياً نقياً شديد العذوبة.
8 - أفرغ من فؤاد أم موسى!
وذلك لقوله تعالى: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً}. القصص (10)
9 - أهَون من تِبالةَ على الحجاج:
من المعروف عن الحجاج بن يوسف الثقفي أنه كان ظلوماً غشوماً شديد الدهاء والأنفة وبعيد الهمة، معتداً بنفسه كثيراً، ومما رويَ عنه أنه في أول أمره قبل أن يوليَهُ الخليفة عبدالملك ابن مروان على العراق، بعث به ليتولى بلدة تبالة، وتبالة بلدة صغيرة في اليمن، فذهب وعندما اقترب منها وكأنه استبطئ الوصول إليها قال لمن معه من الأدلاء: هل بقيَ الكثير؟
فقالوا: لا هي ذا!
فقال: أين هي؟
قالوا: خلف هذه الصخرة!
فقال الحجاج: أهون ببلاد تحجبها عني صخرة، والله لا وليتها أبداً.
10 - أخصب من صبيحة يوم الظلمة؟
وذلك أنه أصابت الناس ببغداد ليلة فيها ريح لم تأت قط ريح مثلها، وكانت مع شدتها مظلمة حتى تيقن الناس نزول العذاب، وذلك في أيام الخليفة المهدي بن أبي جعفر المنصور، وفي تلك الليلة ألفى أحدهم الخليفة ساجداً وهو يقول: اللهم احفظنا ولا تشمت بنا أعداءنا من الأمم، وإن كنت يارب أخذت الناس بذنبي فهذه ناصيتي بيدك، اللهم ارحمنا يا أرحم الراحمين، في دعاء طويل حفظ منه هذا، فلما أصبح وقد انكشفت الغمة وسكنت الريح وزالت الظلمة، تصدق الخليفة بألف ألف درهم، وأعتق مائة رقبة، وأحج مائة رجل، ففعل مثل ذلك جُل قواده وبطانته والخيزران وغيرهم تأسياً به، فكان الناس بعد ذلك إذا ذكروا الخصب قالوا: أخصب من صبيحة يوم الظلمة.
11 - أعز من كليب وائل:
يضرب للمتناهي في العزة، وكليب بن ربيعة كان سيد ربيعة في زمانه، كان يحمي الكلأ فلا يقرب أحد حماه، وكان من عزه لا يتكلم أحد في مجلسه ولذلك قال أخوه المهلهل بعد موته وكان قد قتله جساس بن مرة الشيباني في قصته الشهيرة فهاجت بسبب ذلك حرب البسوس، قال المهلهل:
نُبِّأتُ أنَّ النار بعدك أوقِدت ... واستبَّ بعدك يا كليب المجلسُ
وتكلموا في أمر كل عظيمةٍ ... لو كنتَ حاضر أمرهم لم ينبسوا!
12 - أَحَن من شارِفْ:
والشارف هي الناقة المسنة، فالنوق شديدة الحنين الى أعطانها، كأفئدة الناس شديدة الحنين الى أوطانها، وربما بكت الناقة عند فراق صاحبها الذي لم يبخل بإكرامها والتيسير عليها أو عند رؤيته بعد فراق خاصة إذا كان يراقب الله فيها.
ومما يروى أن رجلاً باع ناقته المحببة إليه لأحد الأمراء بمبلغ أغراه وكان محتاجاً، وبعد سنوات طويلة، أقام هذا الأمير وليمة في الصحراء ومن المدعوين صاحب الناقة الأول، فسأله الأمير: أتراها تعرفك يا فلان أم نسيتك؟
فقال الرجل: أظن إن ناديتها ستأتيني!
فأكبر ذلك الأمير ومن حضر ثم أمره بمنادتها، وكانت النوق الكثيرة بعيدة عنهم بعض الشيء وهي مرسلة رؤوسها نحو الأسفل تشرب من الماء، فناداها بالصوت الذي كان يناديها به في سنين قد خلت، وبعد لحظات رفعت إحدى النوق رأسها وتلفتت ثم خطت خطوة للوراء واستدارت ثم اتجهت نحو البساط الذي يجلسون عليه، فقتربت تتحسس برأسها الرجال الى أن لمست رأسه برأسها وانحدرت دموعها، فبكى صاحبها وأبكى الموقف جميع الحاضرين فما كان من الأمير الى أن رد الناقة لصاحبها بلا ثمن تقديراً لنُبْلِ هذا الموقف.
منقول من مدونة الأريكة
www.talal-almonawer.com