بحثي في فلسفة الجمال (تعليقَكم .. ؟!) حصريا على ملتقانا الغالي
ـ[أبو خالد عوض]ــــــــ[06 - 01 - 10, 12:39 م]ـ
ذكر الجفا وقت الصفا: جفا ولا يفعل القبح من أصله الوفا
هذا هو الحق نور الجمال كفى وما خالف ذا النهجَ عندنا عفا
تنقيح الأقوال
في فهم فلسفة الجمال
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إطلالة على البحث
الحمد لله الذي أرانا بفضله مظاهر الجمال، وأوردنا منها برحمته وبركته المورد العذب الزلال، فهذّب أرواحنا وأدب أنفسنا حتى تعتاد الكمال، وأنار بصائرنا بالحقيقة بعد هجر الدَّعة وقلى الدلال، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة في كل حين وعلى كل حال، والصلاة والسلام على النبي المفضال، أكمل من جمعت فيه خير الصفات والخلال، وأطهر من تجمعت فيه دعائم الطيب من أنفس الخصال، وعلى من اتبع هديه واقتفى أثره من الصحب والتابعين والآل. ثم أما بعد،،
أهمية البحث وسبب اختياره:
تتعدد الإحساسات البشرية الداخلية، وتتغير نتائج النظر إلى الأمور بالبديهة تبعًا لهذا التعدد والتباين، ولما كان كل شيء في الوجود يعبر عن قطعة جمالية بذاتها، خلقها ربنا العليّ الخبير الذي أتقن كل شيء خلقه، كان لا بدّ من الوقوف بتأمل يشدّ، وورود حوض فلسفة الجمال لنشرب من معينها بعد تنقيتها من الشوائب الدخيلة والأغراض غير النبيلة، يقودنا في ذلك مسكةٌ من تذوق جمالي ذاتي، ومرتكزاتٌ من متابعات قديمة، وموادُّ علميةٌ تعتبر مدار البحث ومركز استكناه الحقائق.
قياس الجمال ومفتاح فلسفته:
إن التباين الواضح الذي أشرنا إليه آنفًا راجع إلى عدم امتلاك الكثيرين لميزان القياس الجمالي، وهم في ذلك غير ملامين إذا كانت القضية مرتبطة بشيء نظري بحت يخضع للكتابة والتجربة والملاحظة والبرهان – كذا يظنون -، ولكن جام اللوم نجدنا مضطرين أن نصبه عليهم لكون القضية تتعلق بشيء موجود في ذات كل إنسان، ومتعلق بتجاربه الخاصة وخبراته الحيوية، والذي يفقد الشعور بالجمال وتنساح في آفاقه الهلامية القدرة على قياسه عنده مشكلة في الذوق على أقل تقدير عند من خضعت لمثلهم أعناق الجمال!
وجاء الشعر العميق المغزى ليشرح:
إن الشاعر إيليا أبو ماضي كان دقيقًا عندما أراد أن يحدد قاعدة إدراك الجمال العامة حيث قال:
أيهذا الشاكي وما بك داء: كن جميلا ترَ الوجود جميلا
فإن الذي يلبس نظارة سوداء لا يمكن أن تظهر أمامه الدنيا إلا معتمة قاتمة تبعث على التشاؤم، وتوحي باليأس، وتلجئ إلى إحباط أكيد، ولكن البسيط الذي ينظر إلى الحياة نظرة الفاهم الواعي - وهذا لا يكون إلا باتباع الإسلام - حيث يتملك الراحة النفسية، ويسير بها مبتسمًا قلبُه ضاحكًا فؤادُه، يفكر بمبدأ الإيجابية تجاه الجميع، وعند هذه النقطة فقط تنحصر الحياة في دائرة الجمال الذي لن تستطيع مجرد الأقلام أن تعبر عنه، ولكن الساحة الوجهية ستخبرنا بما يعكسه جمال الوجدان من استقرار وراحة روحانية.
المتنبي يتبنى الدخول في دائرة التفهيم:
وفي السياق ذاته نسمع الشاعر الكبير المتنبي، وهو يقول بيته القاعدي الرائع الماتع:
ومن يكُ ذا فمٍ مرٍّ مريضٍ يجدْ مرًّا به الماءَ الزلالا
وهو من باب التشبيهات الضمنية التي يبصرها المتعمقون على بساطة التعبير في البيت، وبإمكاننا أن نقرأه من زاوية أخرى، تلك هي زاوية عالم المجازات والتخيل، فمن تخبث نفسه تعجز عن مخاطبة الناس بالاحترام والتقدير، ولا تستطيع أن تدرك معاني الجمال، لا في ذاتها ولا في ذوات الآخرين، لأن السارق مثلا يظن الناس جميعًا من طينته، والخائن يخال أن الخيانة نصيب كثيرين ممن يتصور وجودهم على شاكلته، ولكن الواعي الطيب اللطيف لا يفكر إلا بالرحمة والهداية بصورتهما الجمالية الرائعة للناس أجمعين، ولذا كانت قمة الجمال في كون نبينا الأكرم هو الرحمة المهداة الإلهية والنعمة المسداة الربانية لكل أبناء البشرية، وهو الحائز وسام القرآن " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ".
المستخلص في بيان الحاجة إلى هذا البحث:
1. كون الموضوع تضاربت فيه الأفكار، وتشابكت لفيظاته في كل حال ومدار، ولم يكتب في الموضوع من الأقلام الإسلامية الخالصة على حسب ما استنتجته من بحثي البسيط في مصادر هذا الموضوع.
2. كونه من الضروري أن نعيد صياغة هذا الفكر وفق الرؤية التي تضمن لنا الراحة النفسية عند تعاطيه.
¥