تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أبيات نسبت للإمام الشافعي رضي الله عنه وهي ليست له!]

ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[13 - 01 - 10, 01:08 ص]ـ

بسم الله، وبه أستعين

أما بعد:

فهذه أبيات نسبت للشافعي رحمه الله خطأ، اشتهرت على الألسنة وانتشرت بين الناس وزبرت في ديوانه وهي ليست له ..... أخرجها تباعًا مدعمًا ما ذهبت إليه بالحجج الكافية والبراهين الشافية ...

والله المسئول أن يجعل عملي لوجه موقوفًا ولنفع عباد الله طلاب العلم مصروفًا.

والحمد لله رب العالمين.

ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[13 - 01 - 10, 01:11 ص]ـ

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فقد رأيت في ديوان الشافعي رحمه الله أربعة أبيات رسمها:

لماّ عَفَوْتُ ولَمْ أَحْقِدْ عَلَى أحدٍ ** أَرَحْتُ نَفْسِيْ مِنْ هَمِّ العَدَاوَاتِ

إنِّيْ أُحَيِّيْ عَدُوِّيْ عندَ رُؤْيَتِهِ ... لأدفَعَ الشرَّ عَنّي بالتَّحِيّاتِ

وأُظْهِرُ البِشْرَ للإنسانِ أُبْغِضُهُ ... كأَنَّمَا قد حشا قَلِْبْي تحيّاتِ

ولَسْتُ أَسْلَمُ ممن ليس يَعْرِفُنِيْ ... وكيفَ أَسْلَمُ من أهلِ العَدَاواتِ

وبعد إنعام النظر تبين لي أنها لهلال بن العلاء الباهلي المتوفى سنة 280 هـ وذلك لأمور:

الأول: أنها منسوبة إليه في (الصداقة والصديق) لأبي حيان التوحيدي وعدتها ثمت سبعة أبيات ورسمها هنالك:

لما عفوت ولم أحقد على أحد ... أرحت نفسي من غم العداوات

إني أحيي عدوي عند رؤيته ... لأدفع الشر عني بالتحيات

وأظهر البشر للإنسان أبغضه ... كأنه قد ملا قلبي محبات

والناس داء، وداء الناس قربهم ... وفي الجفاء لهم قطع الأخوات

فلست أسلم ممن لست أعرفه ... فكيف أسلم من أهل المودات

ألقى العدو بوجه لاقطوب به ... يكاد يقطر من ماء البشاشات

وأحزم الناس من يلقى أعاديه ... في جسم حقد وثوب من مودات

والناظر المتأمل في البيت الأخير يجدها مشكلة وبعيدة كل البعد عن طبع الشافعي رحمه الله تعالى.

الثاني: أنها منسوبة إليه أي هلال في الطيوريات (3/ 11) صيغة الجزم، قال: أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن محمد بن عمر بن خُشَيش، أنشدني أبو علي الحسن بن مهدي الرَّقِّيّ، أنشدنا هلال بن العلاء لنفسه ... ثم ذكر الأبيات الأربعة.

وهذا إسناد رجاله ثقات غير أبي علي الرقي فقد قال فيه الداراقطني: مجهول ().

ومثل هذا الإسناد على علته مقبول لنسبة الأبيات إلى هلال على قواعد الأدباء والرواة.ويؤيد مذهبنا أن ذلكم المجهول الرواي عن العلاء رقي مثله، ولعل بذلك تنجبر الجهالة.

الثالث: أنها منسوبة إليه في روضة العقلاء () لأبي حاتم البتستي: سمعت محمد بن عثمان العقبي قال: سمعت هلال بن العلاء الباهلي يقول: جعلت على نفسي منذ أكثر من عشرين سنة أن لا أكافيء أحداً بسوء وذهبت إلى هذه الأبيات. وذكر الأبيات.

وقوله: (ذهبت) مشكلة فهي تحتمل أنها له و أنها تمثل بها. ولكن هذا منجبر بالجزم في رواية الطيوريات.

هذا والله تعالى أعلم

ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[13 - 01 - 10, 01:21 ص]ـ

الهوامش:

1) تاريخ بغداد (7/ 434).

2) - روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، أبو حاتم البتستي، دار الكتب العلمية، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، ص: 169. وفيه: "غم" بدل "هم"، و"حشا" بدل "ملا"، و"محبّات" بدل "تحيات".

ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[13 - 01 - 10, 02:14 ص]ـ

وفي ديوان الشافعي:

يريد المرء أنْ يعطى مناه ... ويأبى الله إلاّ ما أرادا

يقول المرء فائدتي ومالي ... وتقوى الله أفضل ما استفادا

والتحقيق أن هذه الأبيات للصحابي الجليل أبي الدراء عويمر بن عامر رضي الله عنه؛ قال جلال الدين السيوطي في الدر المنثور ():" وأخرج ابن أبي الدنيا () عن محمد بن يزيد الرحبي قال: قيل لأبي الدرداء: أنه ليس أحد له بيت في الأنصار إلا قال شعراً فما لك لا تقول؟! قال: وأنا قلت فاستمعوه: يريد المرء ...... فائدتي وذخري .. "اهـ

وقد وقعت لفظة (ذخري) بدلاً من مالي في تفسير الثعالبي من مقدمته.

وفي (ربيع الأبرار) للزمخشري وقعت لفظة رزقي بدلاً من مالي.

ومن نافلة القول أن يقال: إن للحماسي قيس بن الخطيم (ت: 612 م) بيتاً بنحو الأول من البيتين وهو قوله ():

يريدُ المرءُ أن يعطي مناهُ ... ويأبى الله إلا ما يشاءُ ()

والله أعلم

ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[13 - 01 - 10, 02:14 ص]ـ

الهوامش:

- الدر المنثور، جلال الدين السيوطي، طبعة دار الفكر، ج: ص: 63 – 64.

- لم أقف على موضعه من كتب ابن أبي الدنيا فلعل الله ييسر ذلك بعد.

- ديوان الحماسة: ج: 2، ص: 44.

- اتفاق شاعرين في اللفظ والمعنى مع اختلافها في القافية أو بعضها نوع من أنواع ما يسميه البلاغيون (النسخ) أو (الانتحال) ومنه قول امرئ القيس:

وَقُوفاً بها صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ * يَقُولُونَ: لاَ تَهْلِكْ أسىً وتَجَمَّلِ

الذي انتحله طرفة بن العبد فقال:

وَقُوفاً بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ * يَقُولُونَ: لاَ تَهْلَكْ أَسىً وتَجَلَّدِ

فلا أدري أهذا شيء انتحله الصحابي الجليل من شعر ابن الحطيم أم هو من باب المواردة وهي اتفاق الشاعررين في المعنى واللفظ دون أن يأخذ أحدهما من الآخر، وهو لون نادر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير