تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك مقتله لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيح .... إلى غيرذلك من الأوابد و الجرائم التي تعتبرجرائم ضد الإنسانية.

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[07 - 01 - 10, 06:44 م]ـ

يكفي الحجاج فضيلة أنه شكّل القرآن وحفظه من الضياع. وله إن شاء الله أجر كلما قرأ مسلم القرآن.

==

تعلم أهل الكوفة الفقه والقرآن من عبد الله بن مسعود الهذلي. وكان ابن مسعود من الصحابة الأوائل العارفين بالقرآن، لكنه كان يقرأ بحرف هذيل وليس بحرف قريش. كما أن بعض حروفه قد نسخت بالعرضة الأخيرة، وبقي عليها. ولذلك رفض الرجوع عن مصحفه إلى المصحف الذي جمعه زيد بن ثابت وأمر عثمان بإرساله مع أبي عبد الرحمن السلمي. على أنه رجع إلى المدينة قبل وفاته، واصطلح مع عثمان، ورجع لرأي الجماعة لما تبين له الحق. لكن قراءته بقيت مسيطرة على الكوفة. ذكر ابن مجاهد في كتاب السبعة في القراءات (ص67): قال سليمان الأعمش (ت 148): «أدركت أهل الكوفة وما قراءة زيد فيهم إلا كقراءة عبد الله فيكم، ما يقرأ بها إلا الرجل والرجلان».

وقد بذل أبو عبد الرحمن قصارى جهده لنشر قراءة زيد المطابقة لمصحف عثمان الذي أرسله معه إلى الكوفة. ومما شجع أهل الكوفة على قبول تلك القراءة كونها مطابقة لقراءة علي بن أبي طالب، الذي عامة أهل الكوفة من شيعته. ثم جاء الحجاج في عهد عبد الملك بن مروان وابنه الوليد، فبذل قصارى جهده في تعميم المصحف العثماني على سائر الأمصار. وعمل على استئصال شأفة مصحف ابن مسعود بكل سبيل، حتى أنه نعت في خطاب له الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بـ"عبد هذيل" وقال (كما في سنن أبي داود 2

514): «يزعم أن قراءته من عند الله، والله ما هي إلا رجز من رجز الأعراب، ما أنزلها الله على نبيه عليه السلام». ولا شك أن الحجاج كان مخطئاً خطأً فادحاً في دعواه أن قراءة ابن مسعود ليست من عند الله. بل هي كذلك، لكن بعض حروفها قد نسخت في العرضة الأخيرة.

وكان والد الحجاج مدرساً للقرآن، وكان الحجاج كذلك في مطمع شبابه مدرّساً للقرآن، ثم عمل بالجند لكنه بقي شديد التعظيم للقرآن ولأهل القرآن. قال ابن كثير: «وكان فيه سماحة بإعطاء المال لأهل القرآن، فكان يعطي على القرآن كثيراً». وروي عن عمر بن عبد العزيز، أنه قال: «ما حسدت الحجاج عدو الله على شيء حسدي إياه على حبه القرآن، وإعطائه أهله عليه، وقوله حين حضرته الوفاة: "اللهم اغفر لي، فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل"». وكان بليغاً من أفصح الناس حتى قال أبو عمرو بن العلاء (النحوي المشهور): «ما رأيت أفصح من الحجاج ومن الحسن وكان الحسن (البصري) أفصح». وكان متقناً للتلاوة حتى قال ابن عوف: «كنت إذا سمعت الحجاج يقرأ عرفت أنه طالما درس القرآن». وقد كانت لأبي جعفر -شيخ نافع- رواية عن كل من مروان والحجاج. وذكر الذهبي في معرفة القراء الكبار (1

91): أن المفسر المدني المشهور عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: «كنا نقرأ على أبي جعفر القارئ، وكان نافع يأتيه فيقول: يا أبا جعفر، ممن أخذت حرف كذا وكذا؟ فيقول: "من رجل قارئ من مروان بن الحكم"، ثم يقول: ممن أخذت حرف كذا وكذا؟ فيقول: "من رجل قارئ من الحجاج بن يوسف"، فلما رأى ذلك نافع تتبع القراءة يطلبها». فهذا مقرئ أهل المدينة في أيام الصحابة، يأخذ بقراءة الحجاج ويعلّمها، وهو مما يدل على إتقان الحجاج للقرآن. والذي تجدر ملاحظته هنا أن الحجاج حجازي، وكان متبعاً للهجة الحجاز التي قرأ بها عامة الصحابة من المهاجرين والأنصار. ولذلك كان شديد التعظيم لقراءة عثمان بن عفان وهي موافقة لقراءة علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما). وكانت قراءات الكوفة ترجع في معظمها إلى رجلين: علي بن أبي طالب القرشي، وعبد الله بن مسعود الهذلي. ومع أن هذيل كانت تقطن الحجاز فقد كانت لهجتها غريبة عليه، قريبة جداً من لغة بني تميم النجدية. والحجاج لم يكن يرى صحة قراءة ابن مسعود، لذلك بذلك جهداً بالغاً في نشر قراءة قريش.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير