تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم طلب ابن هبيرة الأمان فأمنه المنصور أيضا، وكتب له كتابا، واشترط عليه أنه إن نكث أو غدر فلا أمان له. وكان مقيما بواسط يغدو ويروح إلى المنصور في جماعة كثيرة، ويتغدى عنده ويتعشى إذا حضر في وقت غذائه وعشائه، وهو في ذلك يدس إلى محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب وغيره، ويهم بالدعاء لآل أبي طالب وخلع أبي العباس، فتيقن أبو العباس ذلك من أمره. وكان أبو مسلم يكتب إليه فيشير عليه بقتله، ويقول: إن الطريق إذا كثرت حجارته فسد، وصعب سلوكه، فكتب أبو العباس إلى أبي جعفر يأمره بقتل ابن هبيرة، فأبي ذلك وكرهه للذي أعطاه من الأمان.

فكتب إليه: إن هذا الرجل قد غدر ونكث وهو يريد بنا العظمى، وما لكتاب عبد الرحمن فيه اقتله ولكن لما أبان لي من نكثه وفجوره، فلا تراجعني في أمره فقد أحل لنا دمه. فأمر المنصور الحسن بن قحطبة بأن يقتله فأبى. فقال خازم بن خزيمة: أنا أقتله، وساعده على ذلك الاغلب بن سالم التميمي، والهيثم بن شعبة وغيرهما، فداروا في القصر ثم دخلوا على ابن هبيرة وعليه قميص مصري وملاءة موردة أو صفراء، ومعه ابنه داود وكاتبه عمر بن أيوب في عدة من مواليه، وكان قد دعا بحجام ليحتجم، فلما رآهم مقبلين خر ساجدا فضرب بالسيوف حتى مات، وقتل ابنه ومن كان معه، وأراد عمر بن أيوب الخروج فقتل، ويقال إنهم جروه برجله حتى أنزلوه عن فراشه ثم قتلوه، وجاؤوا برأسه ورؤوس من كان معه إلى المنصور. وأخذ عثمان بن نهيك سيف حوثرة بن سهل فضرب به عنقه، وفعل بمحمد بن نباتة مثل ذلك، وفعل بيحيى بن حضين بن المنذر مثل ذلك. وكان معن بن زائدة الشيباني قد وفد إلى أبي العباس ببيعة ابن هبيرة، وأقام بالكوفة، فقتل ابن هبيرة وهو بالكوفة فسلم. انتهى.

وأما ما فعله عبدالله بن علي مع ثمانين من بني أمية من تأمنيهم ثم قتلهم فلا شك أن هذا منكر عظيم وقد أنكره أمير المؤمنين الخليفة المنصور كما سوف يأتي.

لكن السبب في قتلهم هو خروج بعضهم مع مجزأة الكلبي وأخيه فخشي منهم وقتلهم جميعا.

قال البلاذري في أنساب الأشراف (2/ 13):-

قالوا: ونزل عبد الله بن علي على نهر أبي فطرس، وكانت ببالس ابنة لمسلمة بن عبد الملك، فخطبها عامل عبد الله بن علي، وهو رجل من أهل خراسان فأنعمت له وقالت: أتهيأ لك، وكتبت إلى أبي الورد مجزأة بن الهذيل بن زفر الكلابي تستجير به، فخرج أبو الوازع أخو أبي الورد في جماعة فأتوا بالس والخراساني في الحمام فدخلوا عليه فقتل، ولحق بهم أبو الورد ودعا الناس فأجابه من قيس وغيرها زهاء سبعة ألاف، أكثرهم من قيس، وبلغ أبا محمد زياد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية، وذلك الثبت - وقيل ان اسم هذا السفياني العباس بن محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية، وان زيادا كان خرج طالبا بدم الوليد بن يزيد وليس هو بالخارج أيام عبد الله بن علي، والثبت أنه زياد - فطمع وقال: أنا السفياني الذي يروى أنه يرد دولة بني أمية، ونزل دير حنينا، وبايعه الوليد والناس وكتب إلى هشام بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط يدعوه إلى الخروج معه فاعتل عليه.

وبلغ عبد الله بن علي الخبر فقتل جميع من كان معه من بني أمية ومن يهدي هداهم، ووجه عبد الصمد إلى السفياني وأصحابه وهم بقنسرين في سبعة آلاف فاقتتلوا فانهزم الناس عن عبد الصمد حتى أتوا حمص، وأقبل ابن علي حتى نزل على أربعة أميال من حمص ووجه بسام بن إبراهيم وخفافا المازني بين يديه إلى حمص، وكتب إلى حميد بن قحطبة فقدم عليه. وصار السفياني وأبو الورد إلى مرج الأخرم، وأتاهم عبد الله بن علي ومعه عبد الصمد وحميد بن قحطبة فاقتتلوا في آخر ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وعلى ميمنة أبي محمد أبو الورد وعلى ميسرته الأصبغ بن ذؤالة الكلبي، فانهزم أهل الشام وهرب السفياني وجرح أبو الورد، فحمل إلى أهله فمات، ولجأ قوم من أصحاب أبي الورد إلى أجمة فأحرقت عليهم.

وبلغ ابن علي أن أبا محمد لبس الحمرة ودعا الناس، فأجابه خلق، فسار إليه فهزمه فتوارى، ثم أتى المدينة وعليها زياد بن عبيد الله الحارثي فاستدل عليه حتى عرف الدار التي هو فيها فوجه إليه من يأخذه، فخرج من الدار فقاتل ورماه رجل بسهم فأصاب ساقه فصرعه واعتوروه فقتلوه وكبروا، فسمع التكبير ابن له يقال له مخلد، فخرج فقاتل حتى قتل، وصلب أبو محمد وابنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير