تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم أبو سلمة الخلال (1027 - 132 ه) (62). وأما دعاة خراسان فقد وجه ثلاثة دعاة دفعة واحدة هم: محمد بن خنيس، وحيان العطار، وأبو عكرمة زياد بن درهم – وهو أبو محمد الصادق (63)، وهؤلاءهم رؤساء الدعوة العباسية في الكوفة، وخراسان، ويسمون – أيضاً - رؤساء النقباء وأراد أبو عكرمة السراج أن يعّرف الإمام على مدى تقبل وفرح أهل خراسان بدعوتهم ودعوة آل البيت، فطلب من زعمائهم أن يكتبوا للإمام محمد بن علي بما يؤكد له إيمانهم وإخلاصهم وحبهم لهذه الدعوة التي تهدف إلى خلاصهم من ظلم الأمويين – كما يرون ذلك – فأرسلها إلى الكوفة حيث ميسرة العبدي الذي دفعها بدوره إلى محمد بن علي في الحميمة (64)، ففرح بها واستبشر وسره أن ذلك أول مبادئ الدعوة (65). وأوصى محمد بن علي الدعاة أن يقضوا حوائجهم بالكتمان، وأن يكون ظاهر عملهم التجارة وغايتهم الدعوة إلى آل البيت قائلاً: انطلقوا أيها النفر فادعوا الناس في رفق وستر، فإني أرجو أن يتم الله أمركم، ويظهر دعوتكم ولا قوة إلا بالله (66) ثم قال لهم: فإن سئلتم عن اسمي فقولوا نحن في تقيه وقد أمرنا بكتمان اسم إمامنا (67). وأرسل محمد بن علي دعاته في الآفاق، يدعون الناس سراً، ظاهر أمرهم الاشتغال بالتجارة وباطنه الدعوة للرضا من آل البيت، واصفين إياه بالتقى والصلاح والزهد والورع، وأن غايته تطبيق شرع الله، شعاره العدل والمساواة، ويحق الحق ويبطل الباطل، وسيملأ الدنيا صلاحاً وعدلاً، كما ملأها بنو أمية فسقاً وجوراً – كما يدعون (68) واستخدم الدعاة مهنة التجارة يستخفون وراءها لنشر الدعوة التي أسندت إليهم، وأخذوا يجوبون البلاد طولاً وعرضاً لاستقطاب أكبر عدد من الناس فكانت مهمتهم أسهل، ومراقبتهم أصعب، ثم إن هؤلاء الدعاة لم يكونوا من عامة الناس، بل تسلحوا بسلاح الثقافة والمعرفة والإخلاص للدعوة والتفاني في سبيلها، فبذلوا الأموال ولاقوا السجن والقتل والتمثيل، وكانت لديهم الحنكة لاجتذاب الأنصار (69). ولم يكن من دعاة بني العباس المشهورين أحد ممن اشتهر بالعلم في ذلك العصر بل أغلب الدعاة كانوا رجال إدارة وأهل قيادة وحرب، كأبي مسلم الخراساني وقحطبة بن شبيب، أو من أهل الشرف واليسار كبكير بن ماهان الذي أغدق على الدعوة بماله، فذكر أنه أنفق في نصرة الدعوة أربع لبنات من فضة ولبنة من ذهب (70)، وورد أنه الذي اشترى أبا مسلم الخراساني لما رأى صلاحه لأمر الدعوة (71)، وكأبي سلمة الخلال الذي ذكر أنه رجل شهم، سائس شجاع، متمول، أنفق أموالاً كثيرة في إقامة الدولة (72). كما أن بعض دعاة بني العباس من الموالي الذي يهمهم القضاء على بني أمية ونجاح الدعوة العباسية التي يرفع قادتها شعار المساواة وإنفاق الموالي (73). ونلاحظ أنَّ الأكثرية الساحقة من النقباء كانوا عرباً (74). وقد ذكر الباحثون أسماء وتشكيلات تنظيمية منها:

(أ) كبير للدعاة بالكوفة:

فقد عين محمد علي العباسي كبيراً للدعاة، وجعل الكوفة موقعاً له ومقاماً، إذ هي أقرب إلى خراسان من الحميمة، وبها شيعة أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية الذين انضموا إلى بني العباس وكان كبير الدُّعاة مسئولاً عن نشر الدعوة والإشراف عليها بخراسان، فكان يرسل إليها وفود الدعاة، وكان يكتب إلى محمد علي بأنباء الدعوة ويعلمه بأحوالها، وكان يلقاه في موسم الحج، وكان يزوره بالحميمة إذا طرأ طارئ واحتاج إلى أن يعرف رأيه فيه، حتى يأخذ به وينفذه. وكان الدعاة من أهل خراسان يمرون بالكوفة، ويعّرجون على كبير الدعاة، فيطلعونه على ما بلغوا في بث الدعوة ويشرحون له ظروفها، ثم يمضون إلى الحجاز، فيقابلون محمد بن علي بالمدينة ومكة في موسم الحج، فيؤدون إليه ما اجتمع لهم من أموال، ويُخبُرونه بأخبار الدعوة ويعرضون عليه مسيرتها ومُلابساتها، ويتشاورون في أمرها حتى يستدركوا النقًّص، ويتلافوا الأخطاء، ويُذلَّلوا الصعاب، ويتجنبَّوا الأخطار، تقوية للدعوة ومداً في تيارها وحماية لها من الانهيار فإذا انقضى موسم الحج زوّدهم بتوجيهاته وإرشاداته، ورجعوا إلى خراسان، فواصلوا القيام بأمر الدّعوة وجدَُّوا في نشرِها (75)، قال البلاذري: (كان محمد بن علي يقدم المدينة في كل سنة فيقيم بها الشهر والشهرين، ويُؤتى بالمال فيفرقه) (76)، ومن أشهر من تولى هذا المنصب في التنظيم العباسي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير