تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها: أنه لم يكن يعلق على الحوادث بتصويب أو بتفنيد، وإنما كان يترك هذا لمن يأتي من بعده حتى يرجح في طمأنينة وحرية، ولم يجمع الباحثون على شيء ما أجمعوا على أن كتاب الأمم والملوك هذا الذي حفظ لنا تاريخ الدولة الأموية منذ قيامها في العام الحادي والأربعين حتى سقوطها في العام الثاني والثلاثين بعد المائة.

وأنه لولاه لَلَفَّ الظلام الدامس تاريخ هذه الحقبة، وهذا هو أحد الأسباب الذي من أجلها آثرته على غيره، وقدمته على ما سواه من المصادر التاريخية كافة. وقد أفادني هذا الكتاب في بحثي كله من بدايته حتى نهايته.

فقد جمعت ما رواه الطبري حول دعوة بني العباس ودرسته دراسة متأنية مقارنة وموازنة بين الطرق الثلاثة التي نتناول من خلالها الدعوة العباسية وهي: طريق المدائني، وطريق لم يسمِّ رواته.

هذا بالإضافة إلى ما أسنده هو إلى نفسه، ووازنت هذا كله بعضه ببعض في كل قضية احتواها هذا البحث تقريباً.

والمصدر الثاني هو (تاريخ اليعقوبي):

واليعقوبي هو أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح الكاتب العباسي المعروف باليعقوبي.

وهو من أول المؤرخين المسلمين الذين كتبوا في الدول وفي العهود، وكان معاصراً للطبري، وهو مؤرخ ورحالة، وكتابه في التاريخ يتألف من جزأين:

الأول: في التاريخ القديم، عبَّر فيه عن فكرة التاريخ العالمي في العصور السابقة على الإسلام، وفي التاريخ الإسلامي حتى سنة (259هـ) متتبعاً في كتابه التسلسل التاريخي للأحداث.

ويبدأ في هذا الجزء بالخليقة، وتاريخ الأنبياء، وتاريخ الفرس القديم، وتاريخ العرب في الجاهلية، وتاريخ البابليين والآشوريين والهنود واليونان والروم، وتاريخ المصريين والبربر والأحباش، والزنوج والترك والصينيين.

والثاني: أفرده للتاريخ الإسلامي، ورتبه حسب الخلفاء مع مراعاة تسلسل الأحداث على السنين، فبدأ بمولد الرسول r ومغازيه حتى وفاته، ثم تتبع تاريخ الخلفاء حتى المعتمد العباسي.

ومع أن تاريخ الطبري، وتاريخ اليعقوبي قد انفردا عن غيرهما من الكتب المعاصرة لهما بتسليط الأضواء الكثيرة على الدولة الأموية منذ قيامها في العام الحادي والأربعين حتي سقوطها في العام الثاني والثلاثين بعد المائة من هجرة النبي - r - ، فإن تاريخ الطبري قد امتاز عليه بذكر الطرق والأسانيد عند رواية كل حدث، بينما اكتفى اليعقوبي بذكر الذين اعتمد عليهم في بداية تاريخه.

وقد أفادني هذا الكتاب كثيراً، لأنه كان يروى الحوادث ويصورها بلسان الشيعة أنفسهم حيث إن اليعقوبي كان ذا نزعة شيعية واضحة.

وقد كنت أوازن بين ما جاء فيه، وما جاء في تاريخ الطبري، وأصل من وراء هذه الموازنة إلى الحكم التاريخي الذي إن لم يكن هو الصواب فإنه يقاربه.

والمصدر الثالث هو (الأخبار الطوال):

لأبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري، وقد ولد هذا المؤرخ في العقد الأول من القرن الثالث الهجري بمدينة دينور، من أعمال العراق العجمي، ونشأ في أسرة من أصل فارسي، وقد عاش معظم حياته في مدينة دينور، وأمضى شبابه في الرحلات، وقادته خطواته إلى قلب الحضارة العربية في بلاد ما وراء النهرين دجلة والفرات، ثم امتدت به أسفاره إلى المدينة المنورة، وإلى الأرض المقدسة فلسطين، وإلى شواطئ الخليج العربي فعاش فيها أزماناً طالت أو قصرت، ولكنها تركت في نفسه ذكراً وفي فكره علماً.

وقد أخذ أبو حنيفة دروسه عن البصريين والكوفيين، وتتلمذ في فقه اللغة على النحوي الكوفي ابن السكيت، وعلى أبيه من قبله، ودرس معارف كثيرة، وكان مفتناً في علوم النحو واللغة والهندسة والهيئة والحساب، ثقة فيما يرويه وما يمليه.

وقد كانت لأبي حنيفة عدة مؤلفات قيمة حظيت بعناية رجال التراجم قديماً وحديثاً، وقد دونوا قائمتها في كتبهم وفي مصنفاتهم، وبلغت جملتها عشرين كتاباً حققها المستشرق فليجل، وقد ذكرها القفطي في كتاب أنباه الرواة على أنباء النحاة، ومن أهم هذه الكتب كتابه (الأخبار الطوال).

وقد راعى أبو حنيفة في كتابه هذا التسلسل الزمني في التاريخ، ولكنه انتقى الأخبار وفقاً لمفهوم خاص في التاريخ العالمي، فتوسع في الحوادث والحركات التي اختارها مما جعل أقرب إلى أن يكون سلسلة أخبار يلتصق بعضها ببعض لتتوازن مع التاريخ الإيراني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير