ـ[عبدالإله العباسي]ــــــــ[23 - 02 - 10, 08:49 ص]ـ
خاتمة
والآن وقد تحقق الهدف، وأدركت الغاية، وانتهى الفصل الرابع والأخير من هذا البحث فقد أصبح لزاماً عليَّ أن أذيله بخاتمة ألخص فيها فصوله الأربعة أولاً، وأكشف النقاب عن النتائج والحقائق التي توصلت إليها من خلالها بعد ذلك.
فبالنسبة إلى النقطة الأولى أقرر أن العلائق بين الهاشميين والأمويين قد مرت عبر أربع مراحل كانت في الأولى منها علاقة تسابق وتنافس على مراتب المجد وآواج الشرف والسؤدد.
وكانت في الثانية علاقة حقد وبغض في البداية ثم إخلاص وحب بعد ذلك.
وكان للنبي (عليه الصلاة والسلام) الفضل الأول في إزالة ما كان بين البيتين الكبيرين من إحن، ومحو ما ران علي قلوبهما من حقد وبغض، وفي المرحلة الثالثة: كان بنو أمية يجدون في تعويض ما فاتهم من الفضل والشرف في القتال بين يدي النبي (عليه الصلاة والسلام) والجهاد تحت ألويته وراياته. فلم تتسم العلاقة في هذه المرحلة بود ولا كره.
وفي المرحلة الرابعة والأخيرة: أخذت العلاقة بين الهاشميين والأمويين تتردى وتتوتر حتى انتهت بالصراع المسلح الذي انتهى باستشهاد علي (رضي الله عنه) وتنازل ولده الحسن عن الخلافة، وقيام الدولة الأموية تحت خلافة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنهما).
وبعد الحديث عن العلاقة بين الهاشميين عامة، وبين الأمويين تناولت العلاقة بين العباسيين والعلويين من جهة، وبين العباسيين والأمويين من جهة ثانية.
وقد أثبت في هذا الحديث: أن العباسيين والعلويين قد كانت تربطهما وشائج التعاون والتضامن حتى نهاية خلافة علي وابنه الحسن من بعده. ثم تركوهم وحدهم بعد ذلك في ميدان الصراع، وكانوا كلما مسهم ضرٌّ، أو نزل بساحتهم خطب على أيدي الأمويين تظاهروا بالحزن عليهم، والرثاء لهم، من غير أن يقدموا إليهم عوناً، أو يشتركوا وإياهم في ثورة أو انتفاضة، وبالنسبة للعلاقة بين العباسيين وبني أمية.
فقد أثبت أنها كانت على ما يرام طوال حكم البيت السفياني وشطراً من حكم البيت المرواني.
ثم إنها أخذت طريقها إلى التوتر بعد ذلك، وقد ألمحت إلى العلل والأسباب التي من أجلها مرت عبر هاتين المرحلتين المختلفتين.
ووقفت بالفصل الأول عند بدأ الدعوة لبني العباس، وإذا كنت قد خصصت هذا الفصل لإماطة النقاب عن العلاقة بين الهاشميين والأمويين، وبين العباسيين والأمويين، فإنني قد خصصت الفصل الثاني (لمراكز الدعوة وجهازها السري).
وقد بدأته بمقدمة تناولت فيها استشراق العباسيين للخلافة ووسائلهم في اجتذاب الأتباع والأنصار إلى الدعوة، وذكرت أن القوم لم يستشرفوا للخلافة منذ وفاة النبي (عليه الصلاة والسلام) حتى نهاية خلافة الحسن بن علي (رضي الله عنهما) واستدللت على ذلك بأدلة:
أحدها: أن الشروط التي كان يجب توافرها في الخليفة لم تكن موجودة في العباس (رضي الله عنه).
وثانيها: أن العباس نفسه قد قدم عليه علياً في طلب الخلافة وظل كذلك حتى غادر هذه الدنيا في العام المكمل للثلاثين للهجرة.
والثالث: أن أبناءه من بعده قد نسجوا على هذا المنوال نفسه، فلم ينازعوا فيها عليا، ولم ينازعوا ولده الحسن من بعده.
وفي العهد الأموي وعلى الرغم من أن العلاقة قد كانت على ما يرام بين الأمويين والعباسيين، فإنهم قد استشرفوا للخلافة، وراحوا يعملون للوصول إليها ولكن في خفاء وحذر.
واستدللت على هذا بالمحاورات التي دارت بشأنها بين عبد الله بن عباس وبين معاوية، وتحديدهم لهلاك ولده يزيد موعداً للعمل للوصول إليها.
وبعد هذه المقدمة انتقلت إلى الموضوع الأساسي لهذا الفصل وقسمته إلى فقرتين:
إحداهما: مراكز الدعوة.
والثانية: جهازها السري.
وقد ذكرت في بدء حديثي حول الفقرة الأولى أن الخطة التي وضعها العباسيون للدعوة قد كانت بالغة الدقة، تشهد لهم بالعمق السياسي والخبرة التي لا حد لها في إقامة الدولة، وإنشاء الممالك، ثم ذكرت مراكز الدعوة الأربعة وهي:
الحميمة – والكوفة – والحجاز – وخراسان.
¥