تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

شك في أن الأدب العربي كان ذا نفس أطول من الأدب اليوناني وذا عمق أكثر وذلك لإدخال النواحي الدينية عليه، الشيء الذي لم يكن عند اليونان من ناحية الصفاء في الجوانب الروحية. وإنما كان هدف طه التجرد من الإسلام ومن اللغة العربية، وهذا ما يسميه بالقديم لأنه لم يستطع أن يواجهه صراحة، فتخفّى وراء هذا المصطلح وأخذ يهاجم قيم الأدب العربي ويشكك فيها لإفساح المجال للوثنيات والأساطير اليونانية التي لم يقل مرة أنه يعرضها على مذهب الشك.

من جهة أخرى نتبين أن أفكار الغرب تغيرت وظهر المذهب الذي يفصل بين العلوم الإنسانية والتجريبية، ومع ذلك فقد نشأت أجيال في كلية الآداب على مفاهيم طه حسين التي بثها في كتبه كما في (في الأدب الجاهلي) و (عن أبي العلاء) وهما محملان بهذه السموم منشورة مذاعة. وكان من أخبث ما ادّعاه نظرية حقيرة تقول بأن الأدب العربي يجب أن يدرس لذاته لا أن يدرس لغيره من فقه أو شرع، وأن اتصال اللغة بالقرآن والدين يجعلها مقدسة مبتذلة في آن واحد، مقدسة لأنها لغة القرآن والدين ومبتذلة لأنها لا تدرس في نفسها ولأن درسها إضافي فهو يقول: (فلتكن قاعدتنا إذًا أن الأدب ليس علمًا من علوم الوسائل يدرس لفهم القرآن والحديث فقط، وإنما هو علم لنفسه ويقصد به قبل كل شيء إلى تذوق الجمال الفني فيما يؤثر من الكلام)، وليس يخالطنا أدنى شك بعد ذلك في أنه ساعية لهدم القيم لهذه الأمة وإبعادها عن قرآنها ومنهاج ربها، واللهَ نسأل أن ينقذنا من براثن أفكاره.

أدب المجّان والحب والإباحة

كان من أكبر أهداف طه إشاعة أدب المجان والجنس والإباحة ويقصد من ذلك:

1. إحياء ما وجده في الأدب القديم من فنون الجنس عند بعض الشعراء المنبوذين من أهليهم وأمتهم ومما جمعه الشعوبي الخاطئ الأصفهاني في كتابه الأغاني.

2. مما عمد إلى ترجمته من القصص الجنسي الفرنسي الداعر.

ومن الطبيعي أنه حين دعا إلى تحرير الأدب العربي من الارتباط بالفكر الإسلامي كان يهدف إلى دفعه في أوحال الشهوات والإباحية، وهو هدف خطير قام عليه كتابه (الشعر الجاهلي) وليس أدل على خطورته ما أشار إليه أحد المستشرقين حين قال: (إن المحاولة الجريئة التي قام بها طه حسين ومن شايعه في الرأي لتخليص دراسة اللغة العربية من شباك العلوم الدينية هي حركة لا يمكن تحديد آثارها على مستقبل الإسلام)، فلقد عمد طه إلى شعر المجون فأذاع به واهتم بشعر الغلمة، وحاول أن يضع لأبي نواس وبشار صورة بطولة ليست لهما في الحقيقة، فقد كان مع المجموعة من شعراء المجان الذين عني بهم طه في كتابه (حديث الأربعاء) مجموعة من الشعوبيين الإباحيين الذين هم موضع احتقار المجتمع ومحل امتهان المثقفين والعلماء، ولكن طه في جرأته على الله والحق والتاريخ لا يلبث أن يقول كلمته المسمومة: (إن القرن الثاني للهجرة كان عصر شك ومجون وزندقة وفجور)، وأنه يتخذ لنموذج هذا العصر أبا نواس والوليد بن يزيد ومطيع بن إياس وحماد عجرد والحسين بن الضحاك ووالبة بن الحباب وإبان ومروان بن أبي حفصة وأمثالهم من شعراء اللهو، ويعتمد على كتاب الأغاني في كثير من الأحكام التي أصدرها من غير تحرج ولا احتياط على هذا العصر، بل وذهب إلى أبعد من هذا حيث دعا شباب كلية الآداب إلى اعتبار كتاب الأغاني مرجعًا في دراسة العصر الثاني ومصدرًا لرسم صورة المجتمع الإسلامي وهذا يثبت زيفًا بالغ الخطر وجرأة على الحق.

وبعد ذلك نرى أن طه ليس باحثًا متمكنًا يستطيع التحكم في عواطفه، أو إدارة أسلوب التغريب باقتدار، ولكنه يكشف منذ اللحظة الأولى بأنه صاحب هوى وهو يدفع شبهاته بغير تحفظ ولا تحرج ولا احتياط، فإذا أوردت إليه واحدة بعد أخرى على أنها باطلة لم يسودّ وجهه، ولكنه ذهب للبحث عن سموم أخرى، هكذا عاش حياته كلها، فهو قد ذهب في الشعر الجاهلي مذهبه في تزييف الحقائق، ثم حين ينتقل منها إلى حديث الأربعاء يعلن في صراحة أن شعراء المجون يمثلون عصرهم أكثر من الشافعي وابن حنبل وأبي حنيفة، ومن يصدقه في ذلك؟!، ويعتمد على الأغاني (وصاحبه متهم في عقيدته وخلقه فهو من الشعوبية المارقين) وقد أجمعت المصادر التي أرّخت له ولكتابه أنه مثل طه حسين صاحب هوى لا يوثق بروايته وأنه يصرح في كتبه بما يوجب عليه الفسق ويهوى شر الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتاب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير