4. روى مالكٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَى أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ لَحِقَهُ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى يَدِهِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى تَعْلَمَ سُورَةً مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الْقُرْآنِ مِثْلَهَا " قَالَ أُبَيٌّ فَجَعَلْتُ أُبْطِئُ فِي الْمَشْيِ رَجَاءَ ذَلِكَ ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ السُّورَةَ الَّتِي وَعَدْتَنِي قَالَ: " كَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ؟ " قَالَ فَقَرَأْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هِيَ هَذِهِ السُّورَةُ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ ".
5. روى البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: نَزَلْنَا مَنْزِلًا فَأَتَتْنَا امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ لُدِغَ فَهَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنَّا مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ فَأَعْطَوْهُ غَنَمًا وَسَقَوْنَا لَبَنًا فَقُلْنَا أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً فَقَالَ مَا رَقَيْتُهُ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْتُ لَا تُحَرِّكُوهَا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: " مَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ ".
قال النووي:
= فِيهِ التَّصْرِيح بِأَنَّهَا رُقْيَة، فَيُسْتَحَبّ أَنْ يُقْرَأ بِهَا عَلَى اللَّدِيغ وَالْمَرِيض وَسَائِر أَصْحَاب الْأَسْقَام وَالْعَاهَات.
= قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ) هَذَا تَصْرِيح بِجَوَازِ أَخْذ الْأُجْرَة عَلَى الرُّقْيَة بِالْفَاتِحَةِ وَالذِّكْر، وَأَنَّهَا حَلَال لَا كَرَاهَة فِيهَا، وَكَذَا الْأُجْرَة عَلَى تَعْلِيم الْقُرْآن
= (أَقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ) فَهَذِهِ الْقِسْمَة مِنْ بَاب الْمُرُوءَات وَالتَّبَرُّعَات وَمُوَاسَاة الْأَصْحَاب وَالرِّفَاق، وَإِلَّا فَجَمِيع الشِّيَاه مِلْك لِلرَّاقِي مُخْتَصَّة بِهِ، لَا حَقّ لِلْبَاقِينَ فِيهَا عِنْد التَّنَازُع، فَقَاسَمَهُمْ تَبَرُّعًا وَجُودًا وَمُرُوءَة، وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ) فَإِنَّمَا قَالَهُ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ، وَمُبَالَغَة فِي تَعْرِيفهمْ أَنَّهُ حَلَال لَا شُبْهَة فِيهِ.
6. روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
قَالَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.
قال النووي:
= الْخِدَاج النُّقْصَان، فَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خِدَاج " أَيْ ذَات خِدَاج.
= وَالْمُرَاد قِسْمَتهَا مِنْ جِهَة الْمَعْنَى لِأَنَّ نِصْفهَا الْأَوَّل تَحْمِيد لِلَّهِ تَعَالَى. وَتَمْجِيد وَثَنَاء عَلَيْهِ، وَتَفْوِيض إِلَيْهِ، وَالنِّصْف الثَّانِي سُؤَال وَطَلَب وَتَضَرُّع وَافْتِقَار.
¥