[عبارة" الظاهر المفهوم " عند الطبري وعلاقتها بأصول التأويل عنده.]
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[30 - 06 - 09, 06:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
[عبارة" الظاهر المفهوم " عند الطبري وعلاقتها بأصول التأويل عنده.]
قرر الأصوليون أن الأصل بقاء النصوص والألفاظ على ظواهرها، وأن التأويل ليس أصلا، وإنما هو استثناء، وأنه لا ينصرف من معناه الأصلي إلى معان أخرى إلا بدليل أو معان صارفة.
وللطبري رأي في هذه المسألة يظهر من خلال عبارته " الظاهر المفهوم " فالظاهر المفهوم من الخطاب القرآني عند الطبري مهم في قضية من أهم القضايا في عالم التفسير وهي قضية الترجيح بين الأقوال وقبل ذلك التوصل للتفسير الصحيح للخطاب القرآني.
وللطبري عبارات مهمة يتضح من خلالها مقصد الطبري من عبارته " الظاهر المفهوم " والتي من خلالها بين أصلا مهما من الأصول التي سار عليها، والتي من خلالها هدف إلى حماية قلمه من أن ينجرف نحو التأويل المذموم.
قال الطبري:
1 - " وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته " أهـ
2 - " وتأويل القرآن على المفهوم الظاهر للخطاب دون الخفي الباطن منه، حتى تأتي دلالة من الوجه الذي يجب التسليم له بمعنىً خلافَ دليله الظاهر المتعارف في أهل اللسان الذين بلسانهم نزل القرآن أولى " أهـ
3 - " وإنما توجه معاني كلام الله جل ثناؤه إلى الأظهر والأشهر من وجوهها، ما لم يمنع من ذلك ما يجب التسليم له ... وغير جائز حمل كتاب الله تعالى ووحيه جل ذكره على الشواذ من الكلام وله في المفهوم الجاري بين الناس وجه صحيح موجود."أهـ
4 - "وغير جائز أن نحمل معاني كتاب الله على غير الأغلب المفهوم بالظاهر من الخطاب في كلام العرب" أهـ
5 - " وكتاب الله وتنزيله أحرَى الكلام أن يجنَّب ما خرج عن المفهوم والغاية في الفصاحة من كلام من نزل بلسانه " أهـ
ويظهر من عبارات الطبري السابقة شروطا للتأويل الصحيح:
1 - لابد من وجود دليل صارف للكلام من معناه الظاهر إلى الباطن.
2 - ولابد أن يكون الدليل الصارف قويا مسلما به.
وأيضا نستنتج من عبارات الطبري السابقة أنه في حال كان المفهوم الظاهر يحتمل عدة معان، فإن المعنى الأولى بالترجيح هو المعنى الأظهر والأشهر والأفصح من كلام العرب.
وهذه قرينة للترجيح بين المعاني الظاهرة أشار إليها الطبري، فأزال استغرابي من استخدامة لمركب إضافي إذا صح التعبير وهو " المفهوم الظاهر " واستخدامه لمركب إضافي آخر للدلالة على ما يضاد العبارة الأولى وهو " الخفي الباطن ".
والله أعلم وأحكم.
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[05 - 07 - 09, 06:22 م]ـ
هذا ليس مذهبا خاصا بالطبري،وهو لم يقصد بعبارة "الظاهر المفهوم" وضع اصطلاح لمعنى ما، ولكنه يريد بها معنى (ما يفهم من ظاهر الخطاب) فما يسبق الى ذهن السامع ويتبادر اليه حين سماعه خطابا ما، هو الظاهر الذي يعنيه الطبري، وليس ذلك الا فيما كان موافقا للوضع الشرعي العادي أواللغوي أو العرفي،ومتى استعمله المخاطبون في اكثر من معنى أخذ منها بما غلب استعماله وهجر ما ندر تداوله بينهم فأنت حين تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من استجمر فليوتر) لا يتبادر الى ذهنك الا معنى "الاستنجاء" و هذا هو الظاهر، فإن قيل:أراد التطيب والتبخر لم يقبل منه وإن ساعد عليه المعنى اللغوي، لأن عادة الشارع في خطابه استعمال لفظ "استجمر"في المعنى الاول دون الثاني. و كذلك تأويل حديث (أفطر الحاجم والمحجوم) بالدخول في الفطرة والتلبس بها تأويل باطل للمعنى الذي ذكرته اولا. والله الموفق لا اله غيره.
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[05 - 07 - 09, 10:43 م]ـ
1 - هذا ليس مذهبا خاصا بالطبري،وهو لم يقصد بعبارة "الظاهر المفهوم" وضع اصطلاح لمعنى ما، ولكنه يريد بها معنى (ما يفهم من ظاهر الخطاب) فما يسبق الى ذهن السامع ويتبادر اليه حين سماعه خطابا ما، هو الظاهر الذي يعنيه الطبري،
2 - وليس ذلك الا فيما كان موافقا للوضع الشرعي العادي أواللغوي أو العرفي،
3 - ومتى استعمله المخاطبون في اكثر من معنى أخذ منها بما غلب استعماله وهجر ما ندر تداوله بينهم فأنت حين تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من استجمر فليوتر) لا يتبادر الى ذهنك الا معنى "الاستنجاء" و هذا هو الظاهر، فإن قيل:أراد التطيب والتبخر لم يقبل منه وإن ساعد عليه المعنى اللغوي، لأن عادة الشارع في خطابه استعمال لفظ "استجمر"في المعنى الاول دون الثاني. و كذلك تأويل حديث (أفطر الحاجم والمحجوم) بالدخول في الفطرة والتلبس بها تأويل باطل للمعنى الذي ذكرته اولا. والله الموفق لا اله غيره.
أولا: أشكرك أخي الفاضل على إثراء الموضوع بما أفدت به.
ثانيا: لم أقرر أن الطبري استعمل عبارة "الظاهر المفهوم " كاصطلاح.
ثالثا: ربما يصح أن نقول أنها من قبيل "لغة التفسير" كما يطلق البعض على عبارات الفقاء المشهورة "لغة الفقه"، ويحضرني مثال:
" الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال "
ثالثا: كانت العبارة مفيدة من ناحية بالنسبة لي وهي إبراز أصل من الأصول التي سار عليها هذا الإمام في تفسيره للقرآن الكريم.
رابعا: شدني استخدامه لعبارة الظاهر المفهوم كمركب إضافي، فتوقعت أن في الأمر فائدة.
والله أعلم وأحكم.
¥