فثبت التتابع بقول هؤلاء، ولم تثبت التلاوة لجواز كون التلاوة منسوخة والحكم ثابتاً، وهو قول أصحابنا، وقال مالك والشافعي: يجزيء فيها التفريق) ا هـ. [أحكام القرآن للجصاص 2/ 577.]
قال ابن كثير - رحمه الله - بعد ذكره للآثار التي تؤيد القائلين بالتتابع: (وهذه إذا لم يثبت كونها قرآناً متواتراً فلا أقل أن يكون خبر واحد أو تفسيراً من الصحابة، وهو في حكم المرفوع) ا هـ. [تفسير ابن كثير 2/ 86.]
ومن فوائد القراءة الشاذة أنها تفسر القراءة المتواترة وتُبيّن معناها، ويُسْتعان بها على فهم مراد الله تعالى.
قال أبو عبيد في فضائل القرآن: (إن القصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها، وذلك كقراءة عائشة وحفصة: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر} [البقرة: 538]، وكقراءة ابن معسود: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما} [المائدة: 38] ... وكما قرأ ابن عباس: {لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج} [البقرة: 198] ... فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن، وقد كان يروى مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك، فكيف إذا روى عن كبار الصحابة، ثُمَّ صار في نفس القراءة! فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى؛ فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف معرفة صحة التأويل) ا هـ[من البرهان في علوم القرآن للزركشي 1/ 486، 487 باختصار.]
.
ويتعلق بالقراءة الشاذة بعض القواعد التفسيرية التي يستفاد منها عند تفسير كلام الله، ومن هذه القواعد: [انظر هذه القواعد في كتاب قواعد التفسير جمعاً ودراسة لخالد بن عثمان السبت 1/ 90 - 93]
1 - قاعدة: القراءات يُبَيّن بعضها بعضاً، ويدخل في هذه القاعدة أن القراءة الشاذة تفسِّر القراءة المتواترة.
2 - قاعدة: يعمل بالقراءة الشاذة - إذا صح سندها - تنزيلاً لها منزلة خبر الآحاد.
3 - القراءة الشاذة إن خالفت القراءة المتواترة المجمع عليها ولم يمكن الجمع فهي باطلة. وهذا معنى قول ابن عبدالبر: (وفيه جواز الاحتجاج بالقراءة التي ليست في مصحف عثمان إذا لم يكن في مصحف عثمان ما يدفعها). [بتصرف يسير من الاستذكار 10/ 190.]
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[15 May 2003, 12:23 ص]ـ
ذكرت أخي أبا مجاهد أن القراءة الشاذة ما صح سنده، ووافقت العربيَّة ولو بوجه وخالفت رسم المصحف.
والمشهور عند علماء القراءات – كما حرره السيوطي عن ابن الجزري في الإتقان 1/ 261 - تقسيمها إلى:
1 - متواترة
2 - مشهورة، وهي ما صح إسناده واشتهر عند القراء من غير نكير، ولم يبلُغ حد التواتر، مع موافقة الرسم العثماني والعربية.
ومثالها: مواضع اختلاف القراء المعروفين السبعة أو العشرة.
3 - آحاد، وهي ما صح سنده، لكن خالف الرسم العثماني.
4 - شاذة، وهي ما روي ولم يصح سنده.
ويخالفهم في هذا علماء الأصول فيجعلون القراءات: متواتر وشاذ.
ويعنون بالشاذ ماعدا المتواتر، وصرح بعض الفقهاء كابن عابدين – في حاشيته 1/ 326 – أن الشاذ ماوراء العشرة.
ومراعاة اصطلاح أهل القراءات أولى – فيما يظهر – لأنهم أصحاب الشأن، ولأنه أكثر تفصيلا، وغالبا مايكون في التفصيل إزاحة الإشكال، ثم هو أليق من جهة اللفظ إذ كيف يقال عن قراءة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن بعض أصحابه: قراءة شاذة، نعم قد يخرج من أطلق ذلك على معنى شذوذها عن مصحف عثمان رضي الله عنه.
أشكرك أخي على هذا البحث الدقيق، وفي انتظار ردك بما يثري هذه المسألة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 May 2003, 12:36 ص]ـ
بسم الله
ملاحظتك وجيهة أخي خالد وفقك الله
وتحديد معنى الشذوذ في القراءة يحتاج إلى بسط أكثر، مع التنبيه على ما ذكرت من اختلاف المراد بالقراءات الشاذة باختلاف الفنون التي تبحث فيها.
واسمح لي أخي الكريم أن أحيلك إلى مليء - ومن أحيل إلى مليء فليحتل - وهو الشيخ إبراهيم الدوسري وفقه الله؛ فقد انضم إلينا قريباً، وقد وعدنا بتولي إجابات الأسئلة المتعلقة بالقراءات.
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[15 May 2003, 03:26 م]ـ
طلب
نريد من الشايخ الفضلاء المتخصصين في هذ العلم خاصة الشيخ /مساعد
تحديد مصطلح الشاذ من خلال واقع القراءات التي اطلق عليها هذا الاسم
ومن خلال تعامل السلف معها ..
فان من خلال الرجوع لبعض الكتب المعاصرة في هذا العلم كالزرقاني وغيره
تجد خللا ما في فهم هذا المصطلح.
دمتم بخير وعافية ......
ـ[إبراهيم الدوسري]ــــــــ[15 May 2003, 06:04 م]ـ
مصطلح الشذوذ عند القراء مصطلح خاص، ويقصد به كل ما خرج من أوجه القراءات عن أركان القراءة المتواترة وما يلحق بهما من القراءات الصحيحة، فيدخل في القراءات الشّاذّة ما يسمى بـ (القراءات الآحاد) و (القراءات الضعيفة) و (القراءات الموضوعة) و (القراءات المدرجة) و (القراءات المنكرة) و (القراءات الغريبة) (والقراءات الباطلة)، كلها عند القراء من قبيل الشاذّ، وبعبارة أخرى فإن كل ما خرج عن القراءات العشر التي يقرأ بها اليوم عن القراء العشرة فهي (القراءة شاذة) والله أعلم.
¥