تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3 - قول ثالث: وهو اختيار جدي أبى البركات: أنه إن قرأ بهذه القراءات في القراءة الواجبة، وهى الفاتحة عند القدرة عليها؛ لم تصح صلاته؛ لأنه لم يتيقن أنه أدَّى الواجب من القراءة؛ لعدم ثبوت القرآن بذلك، وإنْ قَرَأَ بها فيما لا يجب؛ لم تبطل صلاته؛ لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطلٍ؛ لجواز أن يكون ذلك من الحروف السبعة التي أُنْزِلَ عليها، وهذا القول انبنى على أصل:

8. وهو أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة فهل يجب القطع بكونه ليس منها؟

فالذي عليه جمهور العلماء: أنه لا يجب القطع بذلك؛ إذ ليس ذلك مما أوجب علينا أن يكون العلم به في النفي والإثبات قطعياً.

• وذهب فريق من أهل الكلام إلى وجوب القطع بنفيه حتى قطع بعض هؤلاء كالقاضي أبي بكر بخطأ الشافعي، وغيره ممن أثبت البسملة آية من القرآن في غير سورة النمل لزعمهم أن ما كان من موارد الاجتهاد في القرآن؛ فانه يجب القطع بنفيه.

• والصواب: القطع بخطأ هؤلاء، وان البسملة آية من كتاب الله حيث كتبها الصحابة في المصحف؛ إذْ لم يكتبوا فيه إلا القرآن، وجردوه عما ليس منه؛ كالتخميس والتعشير، وأسماء السور؛ ولكن مع ذلك لا يقال: هي من السورة التي بعدها؛ كما أنها ليست من السورة التي قبلها؛ بل هي كما كتبت آية أنزلها الله في أول كل سورة، وان لم تكن من السورة، وهذا أعدل الأقوال الثلاثة في هذه المسألة، وسواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات، فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير، ولا تفسيق فيها للنافي، ولا للمثبت؛ بل قد يقال ما - قاله طائفة من العلماء-: إن كل واحد من القولين حق، وأنها آية من القرآن في بعض القراءات، وهى قراءة الذين يفصلون بها بين السورتين، وليست آية في بعض القراءات، وهى قراءة الذين يصلون، ولا يفصلون بها بين السورتين.

9. وأما قول السائل ما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟؟

فهذا مرجعه إلى النقل واللغة العربية لتسويغ الشارع لهم القراءة بذلك كله إذ ليس لأحد أن يقرأ قراءة بمجرد رأيه بل القراءة سنة متبعة وهم إذا اتفقوا على اتباع القرآن المكتوب في المصحف الإمامي، وقد قرأ بعضهم بالياء وبعضهم بالتاء لم يكن واحد منهما خارجا عن المصحف ومما يوضح ذلك أنهم يتفقون في بعض المواضع على ياء، أو تاء، ويتنوعون في بعض؛ كما اتفقوا في قوله تعالى: (وما الله بغافل عما تعملون) في موضع، وتنوعوا في موضعين، وقد بينا أن القراءتين؛ كالآيتين، فزيادة القراءات؛ كزيادة الآيات، لكن إذا كان الخط واحداً، واللفظ محتملاً؛ كان ذلك أخصر في الرسم، والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب، لا على المصاحف؛ كما في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: ((إن ربى قال لي: أن قم في قريش فأنذرهم. فقلت: أي رب إذاً يثلغوا رأسي،- أي يشدخوا- فقال: إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظاناً فابعث جندا أبعث مثليهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وانفق أنفق عليك)) (11)؛ فأخبر أن كتابه لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء، بل يقرؤه في كل حال؛ كما جاء في نعت أمته:" أناجيلهم في صدورهم" (12)، بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب ولا يقرؤونه كله إلا نظراً، لا عن ظهر قلب، وقد ثبت في الصحيح: " أنه جمع القرآن كله على عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جماعة من الصحابة كالأربعة الذين من الأنصار، وكعبد الله بن عمرو"؛ فتبين بما ذكرناه: أن القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم: ليست هي الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها وذلك باتفاق علماء السلف والخلف وكذلك ليست هذه القراءات السبعة هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي انزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين، بل القراءات الثابتة عن أئمة القراء كالأعمش ويعقوب وخلف وأبى جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح ونحوهم هي بمنزلة القراءات الثابتة عن هؤلاء السبعة عند من ثبت ذلك عنده كما ثبت ذلك وهذا أيضاً مما لم يتنازع فيه الأئمة المتبوعون من أئمة الفقهاء والقراء وغيرهم.

10. وإنما تنازع الناس من الخلف: في المصحف العثماني الإمام الذي أجمع عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، والتابعون لهم بإحسان والأمة بعدهم:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير