تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هل هو بما فيه من القراءات السبعة، وتمام العشرة، وغير ذلك، هل هو حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها؟

أو هو مجموع الأحرف السبعة؟؟ على قولين مشهورين:

• والأول قول أئمة السلف والعلماء.

• والثاني: قول طوائف من أهل الكلام والقراء وغيرهم.

11. وهم متفقون على أن الأحرف السبعة لا يخالف بعضها بعضاً:

وهم متفقون على أن الأحرف السبعة لا يخالف بعضها بعضاً خلافاً يتضاد فيه المعنى، ويتناقض؛ بل يصدق بعضها بعضاً؛ كما تصدق الآيات بعضها بعضاً.

وسبب تنوع القراءات فيما احتمله خط المصحف: هو تجويز الشارع وتسويغه ذلك لهم؛ إذ مرجع ذلك إلى السنة، والإتباع، لا إلى الرأي والابتداع، أما إذا قيل إن تلك (13) هي الأحرف السبعة؛ فظاهر، وكذلك بطريق الأولى: إذا قيل إن ذلك حرف من الأحرف السبعة، فانه إذا كان قد سُوِّغَ لهم أن يقرؤوه على سبعة أحرف" كلها شافٍ كافٍ" مع تنوع الأحرف في الرسم؛ فلأن يسوغ ذلك مع اتفاق ذلك في الرسم، وتنوعه في اللفظ؛ أولى وأحرى، وهذا من أسباب تركهم المصاحف أول ما كُتِبَت غير مشكولة، ولا منقوطة؛ لكون صورة الرسم محتملة للأمرين؛ كالتاء والياء، والفتح والضم، وهم يضبطون باللفظ كِلاَ الأمرين، ويكون دلالة الخط الواحد على كِلاَ اللفظيين المنقولين المسموعين المتلوين: شبيهاً بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المنقولين المعقولين المفهومين؛ فان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تلقوا عنه ما أمره الله بتبليغه إليهم من القرآن لفظه ومعناه جميعاً؛ كما قال أبو عبد الرحمن السلمي – وهو الذي روى عن عثمان – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) كما رواه البخاري في صحيحه (14) – وكان يقرئ القرآن أربعين سنة قال: حدثنا الذين كانوا يقرؤننا- عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -، وغيرهما- أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم، والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن، والعلم، والعمل جميعاً))، ولهذا دخل في معنى قوله: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) تعليم حروفه ومعانيه جميعاً، بل تَعَلُّم معانيه؛ هو المقصود الأول بتعليم حروفه، وذلك هو الذي يزيد الإيمان؛ كما قال جندب بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وغيرهما: ((تعلمنا الإيمان، ثم تعلمنا القرآن؛ فازددنا إيماناً، وأنتم تتعلمون القرآن، ثم تتعلمون الإيمان) وفى الصحيحين عن حذيفة قال: ((حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -حديثين: رأيت أحدهما، وأنا أنتظر الآخر؛ حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ونزل القرآن…)) وذكر الحديث بطوله ولا تتسع هذه الورقة لذكر ذلك وإنما المقصود التنبيه على:

12. أن ذلك كله مما بلغه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى الناس، وبلغنا أصحابه عنه الإيمان، والقرآن – حروفه، ومعانيه- وذلك مما أوحاه الله إليه؛ كما قال تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدى به من نشاء من عبادنا)

والله أعلم (17) ".

ـــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1) ضمن كتابه الشهير:" المرشد الوجيز".

2) ت (324هـ)، وكتابه هو: السبعة في القراءات.

3) أخرجه الطبري في تفسيره (1/ 50).

4) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو (بعَّد) بالتشديد على الإخبار، وقرأ الباقون من السبعة (باعد) بالألف.

5) قرأ حمزة والكسائي (عجبتُ) بضم التاء، وقرأ الباقون بالفتح.

6) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2/ 438)، وقال: سنده صحيح، والبيهقي في الكبرى (10/ 43).

7) أخرجه مسلم، باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام (رقم/2450) من حديث عائشة.

8) وانظر: إغاثة اللهفان (1/ 368)، ونحوه في الطرق الحكمية (ص/26).

9) كأبي عمرو الداني (ت/444)، حيث يقول في كتابه- جامع البيان في القراءات السبع -:" وأن عثمان لم يقصد قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين؛ وإنما قصد جمع الصحابة على القراءات الثابتة المعروفة عن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، وألقى ما لم يجر مجرى ذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير، وأنه لم يُسْقِط شيئاً من القراءات الثابتة عن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا منع منها، ولا حظر القراءة بها، إذ ليس إليه، ولا إلى غيره: أن يمنع ما أباحه الله تعالى، وأطلقه، وحكم بصوابه، وحكم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -للقارئ به أنه محسنٌ، مجمل في قراءته".انظر الأحرف السبعة، لأبي عمرو (ص/62) - تحقيق عبد المهيمن طحان.

10) وذكر الشيخ هنا أربعة أقوال.

12) أخرجه مسلم، التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (رقم/2865).

13) أخرجه الطبراني في الكبير من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعاً، (رقم/10046).

15) في الأصل: (ذلك)، ولعل الصواب ما أثبته، أي أن القراءات التي يحتملها خط المصحف هي الأحرف السبعة….

16) باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، رقم (4739).

17) مجموع فتاوى ابن تيمية (13/ 395 - 403).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير