ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[05 Jan 2004, 10:08 م]ـ
الحمد لله الذي جمع هذه القلوب والأفهام على أعظم مائدة (وهي القرآن) ...
أرى بعد النقاش وتشعبه أننا لم نصل الى جواب شاف لما أثرنا السؤال عنه ... وما هو الا تدبر في تصريف الله للأمور، وحكمته سبحانه في قضائه، وليس ضربا من خيال جاهل أو عبث حاقد، متشكك - والله من وراء القصد- ...
ولي هنا ان اطرح رأيا سمعته من شيخي، ويذكر فيه ان رواية حفص تميزت بالتحقيق (اقصد تحقيق الكلمات والحروف) ما يجعلها الأعلى بلاغة، وفصاحة، وافصاحا!
ويظهر ذلك جليا أمام الأدغامات والأمالات الكبرى في الروايات الأخرى!!
فهل يكون ذلك سببا كافيا،نستطيع من خلاله الأجابة عن السؤال ... ؟
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[06 Jan 2004, 09:25 ص]ـ
أخي خالد عبد الرحمن وفقه الله
عندما يرغب الإنسان في عقد مقارنة بين شيئين فلابد أن يكون على دراية كافية بكل منهما، وعلى دراية كافية أيضا بالموضوع الذي يريد إجراء المقارنة فيه، حتى تكون المقارنة صحيحة، وعند المقارنة بين رواية حفص عن عاصم وباقي الروايات يتبين ما يلي:
أولاً:
لا نستطيع أن نجزم بأن رواية حفص لا يفوقها أو يساويها في الفصاحة رواية أخرى، وذلك لأن فصحاء العرب الأقحاح لم يذكروا مزية لرواية حفص على غيرها من جهة الفصاحة، فالإمام أحمد بن حنبل الشيباني وكان عربيا فصيحا قرأ بقراءة عاصم وبقراءة أبي عمرو وبقراءة نافع، ومع ذلك قال: عليك بقراءة أبي عمروٍ لغة قريش وفصحاء العرب، وقال الإمام مكي بن أبي طالب: وربما جعلوا الاختيار على ما اتفق عليه نافع وعاصم، فقراءة هذين الإمامين أوثق القراءات وأصحها سندا، وأفصحها في العربية، ويتلوهما في الفصاحة خاصة: قراءة أبي عمرو والكسائي رحمهم الله» (الإبانة في معاني القراءات: 48) فالخلاصة أنه عند بعض الأئمة أن قراءة أبي عمرو أفصح من قراءة عاصم، وعند بعضهم أن رواية شعبة عن عاصم وروايتا قالون وورش عن نافع تساوي رواية حفص في الفصاحة
ثانياً:
من جهة الإمالات فحفص لديه إمالة واحدة وهي (مجراها) وهناك قراءات ليس فيها إمالة البتة كقراءة ابن كثير وقراءة أبي جعفر، وقراءات فيها إمالة كلمة واحدة كرواية قالون ليس فيها إمالة إلا في كلمة (هار) ويجوز عنده التقليل في (التوراة) ويجوز تركه، فإذا اخترت وجه عدم تقليل التوراة لم يكن لرواية حفص مزية من جهة تساويهما في إمالة كلمة واحدة فقط في كل القرآن، وأما الإدغامات فمن طريق الشاطبية والدرة كل القراءات عدا رواية السوسي عن أبي عمرو ليس فيها إلا إدغامات صغيرة في كلمات معدودة في القرآن كله وليس لحفص مزية بل لو أحصيت مواضع الإدغام الصغير بدقة قد تجد بعض القراءات أقل إدغاما من حفص.
ثالثاً:
من جهة قرب القراءة من قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان قرشيا حجازيا، وكتب اللغة واللهجات العربية تنص على أن لغة قريش والحجازيين فيها إبدال الهمزات وصلة ميم الجمع، وعلى هذا فقراءة أبي جعفر ونافع وابن كثير وأبي عمرو أقرب إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم من رواية حفص عن عاصم
رابعاً:
من جهة السهولة لا شك أن القراءات التي فيها إبدال الهمزات أسهل بدليل أن اللهجات العامية العربية كلها تجد فيها إبدال الهمزات فتجدهم يقولون (ياكل، ياخذ، الراس، البير ... ) ولا تجدهم يقولون في العامية (يأكل، يأخذ، الرأس، البئر ... ) إذن قراءة أبي جعفر ونافع وابن كثير وأبي عمرو أسهل من حفص وأقرب للغة الناس اليوم
كما أنك تجدهم يقولون (العشا، صفرا، السما .. ) ولا تجدهم يقولون (العشاء، صفراء، السماء ... ) إذن قراءة حمزة ورواية هشام أسهل من حفص وأقرب للغة الناس اليوم
خامسا:
رواية الدوري عن أبي عمرو ظلت قراءة معظم العالم الإسلامي لمدة تسعة أو عشرة قرون، ورواية حفص ظلت الغالبة خمسة قرون، والله تعالى أعلم بما سيكون، قد تتغلب عليها رواية أخرى في قرون قادمة، فذلك من الغيب الذي يعلمه الله ولا يستطيع أحد أن يدعي علم الغيب فيدعي أنها ستظل الرواية السائدة إلى يوم القيامة، ثم إن الانتشار والانحسار لا يعني أنها أفصح ولا أنها أفضل.
سادساً:
¥