تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(راجِع: «القواعِد المُثلَى في صِفات الله وأسمائِه الحُسنَى» / للعلامة (محمد بن صالح العُثيمين) –رَحِمَه اللهُ، ص 16، 39، طـ مكتبة السُّنَّة بِمصر).

قالَ رَسولُ اللهِ (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم): " ... لا أحصي ثناءً عَليك، أنتَ كما أثنيتَ على نَفسِك" [رواه مُسلِم (ح 486)].

إذا عَلِمتَ هذا –أخي- فالكلامُ الطَّيِّبُ والثَّناءُ على اللهِ لا يكون ضَلالا إذا كان مُعتَبَرًا لدَى الشَّرع، أمَّا إذا حَكَمَ المُكَلَّفُ علَى الكلامِ بأنَّه طَيِّبًا أو أنَّه يتضَمَنُ الثَّناء -مِن وِجْهَة نَظَرِه هو، نَظَرنَا هل اعتبَرَه الشَّرعُ أم لا؟! فإن كان مُعتَبَرًا فهو ليس ضلالا، وإلا فلا!

فلو أنَّ إنسانًا أثنى على اللهِ بِقَولِه: "يا ساتِر، يا سَتَّار، يا مُسَهِّل، يا مُهَندِس الكَون، يا مُعين، يا مَقصود، ... " فهل اعتبَرَ الشَّرعُ هذا الثَّناء أم لا؟! الجوابُ: لا؛ لم يَعتَبِر الشَّرعُ هذا الثَّناء؛ لأنَّ هذه الأسماء ليسَت مِن أسماء الله الحُسنَى التي دَلَّنَا عليها القُرآن أو السُّنَّة! رَغم أنَّ مَعناها طَيِّبٌ وحَسَنٌ -عِند المُكَلَّف! ومَعَ ذَلِك؛ فبَعضُ هذه الأسماء قد دَلَّت نُصوصُ الشَّرع على مَعناه –دونَ لَفظِه؛ فهو –سُبحانَه وتعالَى- يَستُر عَبدَه ويُعينُه ويَقصُدُه عِبادُه لِقضاء حوائِجِهم، لكن أن نتعبَدَه –سُبحانَه- بهذه الألفاظ؛ فهذا هو مَحلُ النَّظَر!

وأقولُ لأخي الكَريم (؟؟؟): ما رأيك في الصلاة والسلام على رَسولِ الله (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم)؟! أليس هو كلامًا حَسَنًا طَيِّبًا مُعتَبَرًا؟! لكن هل اعتبَرَه الشَّرع في كُلِّ الأحوال والظُروف التي يَمُرُّ بِها المُكَلَّف؟!

فما رأيُّك لو صَلَّىَ أحدُهم على النَّبي (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم) في رُكوع الصلاة أو سجودِها؟! بل أقولُ لَك: ما رأيَّك لو عَطسَ أحدُ المُكَلَّفين؛ فقال: "الحَمدُ لله، والصلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ الله (صَلَّىَ الله عليه وآلِه وَسَلَّم) "؟!! أو لم يَقُل: "الحَمدُ لله" وصلى وَسَلَّم فَقَط؟! أنقولُ لَه: لقد أحسَنتَ ولم تَبتَدِع في الدِّين؛ لأنَّ الصلاةَ والسلامَ علَى رَسُولِ الله (صَلَّىَ الله عليه وآلِه وَسَلَّم) كلامًا طَيِّبًا حَسَنًا؟!!

بل ثَبَت أنَّ رَجُلا عَطَس فقال: الحَمدُ لله، والسَّلامُ على رَسُولِ الله. فقال (عَبدُ اللهِ بن عُمَر) –رَضيَ اللهُ عَنهما-: وأنا أقولُ: الحَمدُ لله، والسَّلامُ على رَسولِ الله، وليسَ هكذا عَلَّمَنَا رَسولُ اللهِ (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم)! عَلَّمَنَا أن نَقولَ: "الحَمدُ للهِ عَلَىَ كُلِّ حال" [رواه التِّرمذي: (2738)].

"فانظُر كيف أنكَرَ (ابنُ عُمَرَ) –رَضيَ الله عَنهما- وَضعَ الصلاة بجانِب الحَمد؛ بِحُجَّةِ أنَّه (صَلَّىَ اللهُ عليه وَسَلَّم) لم يَصنَع ذلِك، مع تَصريحِه بأنَّه يُصَلي على النَّبي (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم)؛ دَفعًا لِمَا عَسى أن يَرِد على خَاطِر أحَد أنَّه أنكَرَ الصلاة عليه (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم) جُملَةً! كما يتوهَمُ ذلك بَعضُ الجَهَلة حينما يَرَون أنصارَ السُّنَّة يُنكِرون هذه البِدْعَة وأمثالَها، فيَرمونَهم بأنَّهم يُنكِرون الصلاةَ عليه، صَلَّىَ اللهُ –تعالَى- عليه وآله وَسَلَّم، هداهُم اللهُ –تعالَى- إلى اتباعِ السُّنَّة" اهـ نَقلا مِن كلام العلامة (الألباني) –رَحِمَه الله- في «سِلسِلَة الأحاديث الضَّعيفة»: (2/ 294، طـ المَكتَب الإسلامي). فتأمَّل هذا الكلامَ المُبارَكَ –إن شاء اللهُ تعالى!

ومِمَّا يَحسُن نَقْلُه هُنا بِخصوص هذا الأثر قَولَ الإمام (ابْن العَرَبي) –رَحِمَه اللهُ تَعالَى- عِندَ شَرحِه له في «تُحفَة الأحوَذي»: "الأدب مُتابَعَةُ الأمر مِن غَير زيادَةٍ ونُقصان مِن تِلقاء النَّفس إلا بِقياسٍ جَليّ" اهـ؛ فتأمَل!

فالحاصِلُ أنَّ ما أطلَقَه الشَّارِعُ لا يَجوزُ لنا أن نَلتَزِم تَقييدَه بِبَعضِ المواضِع أو الأزمِنَة أو الهَيئات زاعِمين أنَّنَا نَتَعبَّدُ الله بِه!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير