تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

" (3) قد يكونُ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) قد أخَذَ بِعُموم قَولِه تعالى (قُل صَدَقَ الله) [آل عِمران: 95] في واقِعَةٍ مَا، ولو اقتدى مُكَلَّفٌ بالنَّبي (صلى الله عليه وسلم) في أمرٍ كهذا؛ فاستعمَلَ عمومَ آيَّةٍ في مَوقِفٍ خاص؛ فلا حَرَجَ -إن شاء اللهُ تعالى". فلو قرأ إنسان آية فأثرت فيه كثيرًا أو وجد فيها العبرة والعظة أ و استنبط منها حُكما كان قد خفي عليه، فقال: "صدقت يا ربي" أو "صدق الله"، فهذا أمرٌ حسن قد قال مثلَه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كما في قوله: "صدق الله (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) ". ولكن ما ننكره هو أن يلتزم القارىء أن يقول هذا القول "صدق الله العظيم" بعد كل تلاوة للقرآن، وقد لا يكون متدبرًا لما يقرأ أو ساهيًا أو غافلا -عياذًا بالله من ذلك، ولكن اتخذها عبادة يلتزمها بعد كل تلاوة، فأين الدليل على ذلك؟ بالله تدبروا ما قلت جيدًا -بارك الله فيكم.

والعجيب أنك -أخي الكريم- قد قلتَ: "أما الالتزام بها دبر كل تلاوة فلم نر أحدا ممن قرأنا عليه أنه قال بها أو قالها"، إذن لماذا المُعارضة؟

ولكنك عقبتَ بعد ذلك بقولك: "لكن بين الحين والآخر نسمعها من جمهرة من القراء"، فأقول: كل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف.

الوقفة الخامسة: قولك: "ولا أرى في ذلك كبير خطر على الإسلام وأهله"!!!

وأقول: لقد أثر فيَّ هذا القول كثيرًا، ولا أظنه يصدر من طالب علم منصف عالم بقواعد البدع وأصول الشريعة. فالبدع -مهما صغرت- كان لها أكبر الأثر على هدم الإسلام أصولا وفروعًا، ومَن تأمل عنوان سلسلة العلامة (الألباني) -رحمه الله تعالى- التي وضعها للأحاديث الضعيفة والموضوعة عَلِمَ ذلك؛ فقد سماها: «سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيىء على الأمة»، هذا في أحاديث ضعيفة، فكيف في بدع لا أصل لها! وراجع كتاب «البدعة وأثرها السيىء على الأمة» / لسليم الهلالي.

ولو جاز لنا أن نقول في كل بدعة: "ولا نرى في تلك البدعة كبير خطر على الإسلام وأهله"، لطلت علينا البدع من كل مكان، وهذا ما حدث؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون. وأي خطر أكبر من أن نقول على الله بلا علم، ونُدخله في دينه ما ليس منه، ونتعبده بما لم يُشرع، ونهجر سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) بهذه البدع؛ فما جاءت بدعة إلا وهُجرت سنةٌ مكانها. فاتقِ الله -أخي- وتراجع عن قولك هذا، تكن من المُفلحين.

وأرى أنه من المناسب هنا أن أنقل بعض كلامي في (الحلقة الثانية) من بحثي هذا:

قلتُ ما نصه:

"ولا يَخفَى عَليكم قِصَة (أبي موسى الأشعَري) –رَضي اللهُ عَنه- عِندما رأى قومًا حِلَقًا جُلوسًا يَنتَظِرون الصَّلاة، في كُلِّ حَلَقَةٍ رَجُل، وفي أيديهم حَصًى، فيقول: كَبَّروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هَلِّلوا مائة، فيُهَلِّلون مائة، ويقول: سَبِّحُوا مائة، فيُسَبِّحون مائة. فأخبَرَ (عَبْدَ اللهِ بن مَسعود) –رَضيَ اللهُ عَنه- بِذَلِك؛ فأنكَرَ عليهم ذَلِك إنكارًا شَديدًا، وقال لَهم: "عُدوا سيئاتِكم، فأنا ضامِنٌ أن لا يَضيع مِن حسناتِكم شئٌ، وَيْحَكُم يا أمَّة مُحمَّد ما أسرَع هَلَكَتَكُم، هؤلاء صحابَة نَبيِّكم (صَلَّى اللهُ عَليه وَسَلَّم) مُتوافِرون، وهذه ثيابُه لم تَبْلَ وآنيَتُه لم تُكسَر، والذي نَفسي بيَدِه؛ إنَّكم لَعَلى مِلَّةٍ أهدَى مِن مِلَّة مُحَمَّدٍ أوْ مُفتَتِحُو بابِ ضَلالة؟! ".

قالوا: واللهِ يا أبا عَبْدَ الرَّحمَن؛ ما أردنَا إلا الخَير! قال: وكَم مِن مُريدٍ للخَير لن يُصيبَه! إنَّ رَسولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَليه وَسَلَّم) حَدَّثنَا أن قَومًا يَقْرءون القُرآن لا يُجاوِز تَراقِيَهُم؛ وايمُ اللهِ ما أدري لَعَلَّ أكثرَهم مِنكم! ثم تولَّى عَنهم.

فقال (عمَرو بن سَلَّمة) –وهو أحدُ الرواة-: رأينَا عامَّةَ أولئِكَ الحِلَقِ يُطاعِنُونَا يَومَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الخَوارِج. [رواه الدارِمي: (204)].

فانظر –رَحِمَك اللهُ- إلى البِدْعَة وأثرِها السييء؛ لا على صاحِبِها فَحَسبُ؛ بل علي عُموم الأمَّةِ الإسلامية!

وتَدَبَر –أخي- كيف أنكَر (عَبْدُ اللهِ بْنِ مَسعودٍ) –رَضيَ اللهُ عَنه- عِبادَةً (التَّكبير والتَّهليل والتَّسبيح) بِكَيفيةٍ لم يَفعلْها رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَليه وَسَلَّم)، رَغم أنَّ أصلَ العِبادَةِ مَشروعٌ! فكيف بما يتَّخِذُه المُكَلَّفُ عِبادَةً ولا أصلَ له في الشَّرع ألبتَة "كَقول (صَدَقَ اللهُ العَظيم) بعد التلاوة"؟!!

وهذا الأثَرُ السَّابِق –الذي سُقتَه لَك باختِصار- حَوَى فوائِد ودُرَرًا جَمَّة؛ تَجِدُها في كِتاب «البِدْعَة وأثرُها السَّييء على الأمَّة» / للشيخ (سليم الهلالي) –أثابَه اللهُ تَعالَى" اهـ كلامي.

فتدبر أخي وتأمل بإنصاف -بارك الله فيك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[06 Feb 2004, 12:02 ص]ـ

أما أثر ابن مسعود فقد أشرت في ردي أنه من قوله

أما عن الأمثلة التي ذكرت فالفقير قد حدد أن القائلين بها ليسوا من عوام الناس بل أهل القرآن فشتان بين الفريقين.

وأخيرا هل لك أخي الفاضل أن تذكر تحقيق سند قصة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لأنك سقتها محتجا بها، فهل هي صحيحة السند؟ فقط لإثراء البحث.

أما بالنسبة لضرب المثل بما هو أوهن من بيت العنكبوت فالسؤال لك أو للأخ باحث 7 من هم هؤلاء العلماء الذين فرقوا بهذا الضابط؟

وإن لم يكن مكروها مثل هذا القول، ألا يدخل في باب أدب اللفظ مع أمثال القرآن الكريم؟

أو أليس داخلا في باب الورع مثلا.

علما بأن الهدف ليس تتبع الأخطاء بل التناصح فيما هو أنسب للمسلم التزامه.

وفقكم الله لما يحب ويرضى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير