واعلم أن السنة قسمان: فعلية وتركية، والسنة التركية هو ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود مقتضى فعله، وهذا كالتزام قول "صدق الله العظيم" بعد الانتهاء من كل قراءة أو سماع للقرآن الحكيم، فإن مقتضى فعله له صلى الله عليه وسلم قائم، مع ذلك تركه ولم يفعله، فدل أن السنة ترك هذا القول على وجه الالتزام والمداومة، وإذا كانت البدعة تضاد السنة كما تفضلتم أن ذكرتم -وهو صحيح- فإن فعل التصديق بعد الانتهاء من قراءة القرآن على وجه المداومة تضاد للسنة!
ولعل الذي لا يرى قولها وفي نفس الأمر لا يرى الإنكار على من يقولها يتدبر ما نقلته سابقا عن ابن عمر في المشاركة رقم 24: جاء في الأثر عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا عطس إلى جنبه فقال (الحمد لله والسلام على رسول الله) قال ابن عمر وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، علمنا أن نقول: (الحمد لله على كل حال).
[رواه الترمذي في سننه 2738 وحسنه الألباني في صحيح السنن باختصار السند]
فهل هناك فرق بين إنكار ابن عمررضي الله عنهما، وإنكار اللجنة الدائمة لقول صدق الله العظيم بعد الانتهاء من كل قراءة للقرآن أو سماعه؟
وهذه فتوى اللجنة الدائمة: فتوى رقم (3303):
س: ما حكم قول (صدق الله العظيم) بعد الفراغ من قراءة القرآن؟
ج: قول (صدق الله العظيم) بعد الانتهاء من قراءة القرآن بدعة؛ لأنه لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الخلفاء الراشدون، ولا سائر الصحابة رضي الله عنهم، ولا أئمة السلف رحمهم الله، مع كثرة قراءتهم للقرآن، وعنايتهم ومعرفتهم بشأنه، فكان قول ذلك والتزامه عقب القراءة بدعة محدثة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (1) رواه البخاري ومسلم وقال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» (2) رواه مسلم.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ولهم فتاوى أخرى في هذا المعنى، وفي النهي عن كتابتها في آخر المصاحف.
وتدبر هذه الفتوى من الشيخ العثيمين رحمه الله وهي من فتاوى نور على الدرب (نسختها من المكتبة الشاملة): قول (صدق الله العظيم)
عند الفراغ من القراءة
فيصل الدعجاني من القصب يقول ما حكم قول صدق الله العظيم بعد قراءة القرآن؟
فأجاب رحمه الله تعالى: قول صدق الله العظيم بعد قراءة القرآن لا أصل له من السنة ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم وإنما حدث أخيراً ولا ريب أن قول القائل صدق الله العظيم ثناءٌ على الله عز وجل فهو عبادة وإذا كان عبادةً فإنه لا يجوز أن نتعبد لله به إلا بدليلٍ من الشرع وإذا لم يكن هناك دليل من الشرع كان ختم التلاوة به غير مشروع ولا مسنون فلا يسن للإنسان عند انتهاء القرآن أن يقول صدق الله العظيم فإن قال قائل أليس الله يقول (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ) فالجواب بلى قد قال الله ذلك ونحن نقول ذلك لكن هل قال الله ورسوله إذا أنهيتم القراءة فقولوا صدق الله وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يقرأ ولم ينقل عنه أنه كان يقول صدق الله العظيم وقرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه من سورة النساء حتى بلغ (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) فقال النبي عليه الصلاة والسلام (حسبك) ولم يقل قل صدق الله ولا قاله ابن مسعود أيضاً وهذا دليل على أن قول القائل عند انتهاء القراءة صدق الله ليس بمشروع نعم لو فرض أن شيئاً وقع مما أخبر الله به ورسوله فقلت صدق الله واستشهدت بآيةٍ من القرآن هذا لا بأس به لأن هذا من باب التصديق لكلام الله عز وجل كما لو رأيت شخصاً منشغلاً بأولاده عن طاعة ربه فقلت صدق الله (أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) وما أشبه ذلك مما يستشهد به فهذا لا بأس به. اهـ المقصود
ووجدت جوابا للشيخ ابن باز رحمه الله على استدلال الإمام الشنقيطي الجكني رحمه الله بقوله تعالى (قل صدق الله) وأنه عام فقال في فتاواه: سؤال:
¥