تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[23 Nov 2009, 12:24 ص]ـ

ذكر الإمام القرطبي في مقدمة تفسيره " الجامع لأحكام القرآن ":

(باب ما يلزم قارئ القرآن وحامله من تعظيم القرآن وحرمته)

و قال:

قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله في " نوادر الأصول ": " فمن حرمة القرآن ألا يمسه إلاطاهرا.

ومن حرمتة أن يقرأه على طهارة.

ومن حرمته أن يستاك ويتحلل فيطيب فاه، إذ هو طريقه.

- قال يزيد بن أبي مالك: إن أفواهكم طرق من طرق القرآن، فطهروها ونظفوها

ما استطعتم.

- ومن حرمته أن يتلبس كما يتلبس للدخول على الأمير لأنه مُناج.

ومن حرمته أن يستقبل القبلة لقراءته.

- وكان أبو العالية إذا قرأ اعتم ولبس وآرتدى واستقبل القبلة.

- ومن حرمته أن يتمضمض كلما تنخع.

روى شعبة عن أبي حمزة عن ابن عباس: أنه كان يكون بين يديه تور إذا تنخع مضمض، ثم أخذ في الذكر، وكان كلما تنخع مضمض.

ومن حرمته إذا تثائب أن يمسك عن القراءة لأنه أذا قرأ فهو مخاطب ربه ومناج، والتثاؤب من الشيطان.

- قال مجاهد: إذا تثاءبت وأنت تقرأ القرآن فأمسك عن القرآن تعظيما حتى يذهب تثاؤبك.

وقاله عكرمة.

يريد أن في ذلك الفعل إجلالا للقرآن -.

ومن حرمته أن يستعيذ بالله عند ابتدائه للقراءة من الشيطان الرجيم، ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إن كان ابتدأ قراءته من أول السورة أو من حيث بلغ.

ومن حرمته إذا أخذ في القرءة لم يقطعها ساعة فساعة بكلام الآدميين من غير ضرورة.

ومن حرمته أن يخلو بقراءته حتى لا يقطع عليه أحد بكلام فيخلطه بجوابه، لأنه إذا فعل ذلك زال عنه سلطان الاستعاذة الذي استعاذ في البدء.

ومن حرمته أن يرأه على تؤدة وترسيل وترتيل.

ومن حرمته أن يستعمل فيه ذهنه وفهمه حتى يعقل مايخاطب به.

ومن حرمته أن يقف على آية الوعد فيرغب إلى الله تعالى ويسأله من فضله، وأن يقف على آية الوعيد فيستجير بالله منه.

ومن حرمته أن يقف على أمثاله فيتمثلها.

ومن حرمته أن يلتمس غرائبه.

ومن حرمته أن يؤدي لكل حرف حقه من الأداء حتى يبرز الكلام باللفظ تماما، فإن بكل حرف عشر حسنات.

ومن حرمته إذا انتهت قراءته أن يصدق ربه، ويشهد بالبلاغ لرسوله صلى الله عليه وسلم، ويشهد على ذلك أنه حق، فيقول: صدقت ربنا وبلغت رسلك، ونحن على ذلك من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، ثم يدعو بدعوات.

ومن حرمته إذا قرأه ألا يلتقظ الآي من كل سورة فيقرأها، فإنه روى لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه مر ببلال وهو يقرأ من كل سورة شيئا، فأمره أن يقرأ السورة كلها أو كما قال عليه السلام.

ومن حرمته إذا وضع المصحف الايتركه منشورا، وألايضع فوقه شيئا من الكتب حتى يكون أبدا عاليا لسائر الكتب، علما كان أو غيره.

ومن حرمته أن يضعه في حجره إذا قرأه أو على شئ بين يديه ولا يضعه بالارض.

ومن حرمته ألا يمحوه من اللوح بالبصاق ولكن يغسله بالماء.

ومن حرمته إذا غسل بالماء أن يتوقى النجاسات من المواضع، والماقع التي توطأ، فإن لتلك الغسالة حرمة، وكان من قبلنا من السلف منهم من يستشفى بغسالته.

ومن حرمته ألا يتخذ الصحيفة إذا بليت ودرست وقاية للكتب، فإن ذلك جفاء عظيم، ولكن يمحوها بالماء.

ومن حرمته ألا يخلى يوما من أيامه من النظر في المصحف مرة، وكان أبو موسى يقول: إني لأستحيى ألا أنظر كل يوم في عهد ربي مرة.

ومن حرمته أن يعطي عينيه حظهما من، فإن العين نؤدي إلى النفس، وبين النفس والصدر حجاب، والقرآن في الصدر، فإذا قرأه عن ظهر قلب فانما يسمع أذنه فتؤدى إلى النفس، فأذا نظر في الخط كانت العين والاذن قد اشتركتا في الأداء وذلك أوفر للأداء، وكان قد أخذت العين حظها كاالأذن.

روى زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعطوا أعينكم حظها من العبادة " قالوا: يارسول الله وما حظها من العبادة؟ قال: " النظر في المصحف والتفكر فيه والاعتبار عند عجائبه ".

وروى مكحول عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن نطرا " ......... أهـ

* * *

فالإمام القرطبي - رحمه الله - نقل كلام الترمذي الحكيم أن " من حرمته إذا انتهت قراءته أن يصدّق ربه، ويشهد بالبلاغ لرسوله صلى الله عليه وسلم، ويشهد على ذلك أنه حق، فيقول: صدقت ربنا وبلغت رسلك، ونحن على ذلك من الشاهدين ... ".

و قد سبق للإخوة الكرام إيراد ذلك.

و فيه النَصّ - من الحكيم الترمذي - على تصديق الله عند الانتهاء من قراءة القرآن الكريم، و احتج به الإمام القرطبي في (باب ما يلزم قارئ القرآن وحامله من تعظيم القرآن وحرمته)، و القرآن الكريم كلّه أو بعضه في تلك الحرمة و التعظيم سواء، و مقتضى ذلك تصديق الله العظيم عند الانتهاء من قراءة كلّه أو بعضه.

و الإمام القرطبي جعل ذلك التصديق من باب اللزوم؛ بنَصّ كلامه. و هو إمام جليل من كبار المفسِّرين تـ 671 هـ

- و على هذا جرى عمل أئمة القراء المشهورين في زمننا هذا، كالشيخ رفعت و الشيوخ الحصري و المنشاوي و الفشني و علي محمود و الشعشاعي، و غيرهم كثير؛ نقلاً و تلقياً عن شيوخهم، رحمهم الله جميعا.

* * *

(وليقل عند فراغه من كل سورة صدق الله تعالى وبلغ رسوله صلى الله عليه وسلم اللهم انفعنا وبارك لنا فيه الحمد لله رب العالمين واستغفر الله الحى القيوم.

وفى اسئلة عبد الله بن سلام: اخبرنى يا محمد ما ابتدآء القرءآن وما ختمه قال ابتدآؤه بسم الله الرحمن الرحيم وختمه صدق الله العظيم قال صدقت وفى خريدة العجائب يعنى ينبغى ان يقول القارئ ذلك عند الختم والا فختم القرءآن سورة الناس)؛ ذكره الشيخ إسماعيل حقي في تفسيره " روح البيان "، المعروف بتفسير حقي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير