ـ[محمد بن عيد الشعباني]ــــــــ[06 Oct 2009, 01:41 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا شيخ محمد وليس في نفسي شيء ولا يحتاج الأمر أي اعتذار منك فعلينا أن نوطن أنفسنا على أن يتحمل كل منا أخيه في مثل هذا النقاش المهم ولا سيما وحسن الظن متبادل ولله الحمد وهو الأصل بيننا فلا تعتذر فما بدر منك إلا كل خير وقل في ما شئت وأنت تناقشني لعلك تفيدني أو تستفيد مما أنقله عن الأئمة والعلماء.
وإليك بعض ما عندي:
قال الإمام الداني - رحمه الله -: وأما الميم فكان يخفيها إذا تحرك ما قبلها عند الباء لا غير , وذلك قوله (بأعلم بالشاكرين) و (أعلم بكم) و (يحكم به) و (لتحكم بين الناس) و (مريم بهتانا) و (لكيلا يعلم بعد) وما أشبهه.
وترجم اليزيدي وغيره من الرواة والمصنفين عن هذا الميم بالإدغام على سبيل المجاز وطريق الاتباع لا على الحقيقة إذ كانت لا تقلب مع الباء باء بإجماع من أهل الأداء , وإنما تسقط حركتها تخفيفا فتخفى بذلك لا غير , وذلك إخفاء للحرف لا إخفاء للحركة , فأما إدغامها أو قلبها فغير جائز للغنة التي فيها إذ كان ذلك يذهبها فتختل لأجله , فإن سكن ما قبلها لم يخفها اكتفاء بخفة الساكن من خفة الإخفاء. (جامع البيان ص180 طبعدار الكتب العلمية الطبعة الأولى 2005 م).
تأمل معي يا شيخ محمد قوله: (وذلك إخفاء للحرف لا إخفاء للحركة) أليس ذلك نصا قاطعا على أن الخلاف بين المذهبين حقيقيا , وإذا كان القول بالإظهار يقتضي إطباق الشفتين بالإجماع من غير خلاف , فينبغي أن يكون القول بالإخفاء يقتضي عدم الإطباق ولابد , إذ لو كان مقتضاهما واحدا لكان الخلاف لفظيا.
فلعلك الآن علمت أهمية تحرير هذه المسألة وأنها فيصل قاطع فيها.
ثم تأمل قول الداني رحمه الله: فإن سكن ما قبلها لم يخفها اكتفاء بخفة الساكن من خفة الإخفاء).
هنا يقرر الداني أن الإخفاء في الميم أخف من إظهارها , والإظهار لا يكون إلا بالإطباق إجماعا فالإخفاء لا يكون إلا بما هو أخف من الإطباق وهو الفرجة.
آمل أن تجيبني عن هذا بتجرد وإنصاف كما هو الظن فيك.
وإن شاء الله بعد جوابك سأزيدك نقولات مهمة في هذا لأن الكتابة تتعبني جدا ولكن الله المستعان.
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[06 Oct 2009, 10:01 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد
مذهب الداني هو الإخفاء في الميم الساكنة وهذا معروف عنه خلافاً لمكي القيسي الذي مذهبه الإظهار مع أنّهما يتّفقان في الإسناد عن الشيخ عبد المنعم بن غلبون، حيث قرأ الداني عن أبي الحسن طاهر ابن غلبون عن عبد المنعم، وقرأ مكي القيسي عن عبد المنعم مباشرة. أقول: لو كان الخلاف حقيقياً فكيف يقرأ مكي القيسي خلاف ما قرأ الداني مع العلم أنّه لم ينقل الوجهان عن الداني ومكّي القيسي في المسألة؟
أمّا النصّ الذي استدلت به لا يدلّ على أنّ الخلاف حقيقي فقول الداني:"وذلك إخفاء للحرف لا إخفاء للحركة " فأراد أن يبيّن أن المقصود من الإخفاء هو إخفاء الميم لا إخفاء حركتها بالروم تفريقاً بين إخفاء الميم الساكنة وبين إخفاء حركتها بأن يُنطق ببعضها. وبالتالي فلم تأت بجديد، فالنصّ يدلّ على أنّ الميم تُخفى عند الباء وأنّ المراد من الإخفاء إخفاء الميم الساكنة لا إخفاء حركتها.
أمّا قولكم: "يقتضي إطباق الشفتين بالإجماع من غير خلاف , فينبغي أن يكون القول بالإخفاء يقتضي عدم الإطباق ولابد , إذ لو كان مقتضاهما واحدا لكان الخلاف لفظيا.
فلعلك الآن علمت أهمية تحرير هذه المسألة وأنها فيصل قاطع فيها "
هذا استدلال بمفهوم المخالفة، وهو غير مسلّم به لسببين:
السبب الأوّل: أنّ كيفية إخفاء الميم معلومة ومذكورة في المصادر المعتبرة، فلا يمكن إسقاط هذه النصوص بمفهوم المخالفة، وحتّى أهل الأصول لا يعتدّون به إن خالف نصاً معتبراً.
السبب الثاني: أنتم تظنّون أنّ الإظهار يكون بقرع العضو وإخراج الحرف من مخرجه وأنّ الإخفاء عكس ذلك، وهذا فيه نظر فإخفاء الحركة لا يتحقّق إلاّ بقرع اللسان الحنكَ، فالقرع موجود، واعتماد اللسان على الحنك موجود أيضاً ومع هذا فقد سُمي أخفاءً. والذين اعتقدوا أنّ الإخفاء يستلزم انفصال عضوي المخرج قالوا بالإظهار في الميم الساكنة وهذا الذي حمل ابن الباذش على إطلاق حكم الإظهار على الميم الساكنة لانطباق الشفتين انطباقاً واحداً. ولا أتصوّر أنّ ابن الباذش يجهل وجود وجه الإخفاء في الميم الساكنة حيث اعتمد في كتابه الإقناع على التيسير لأبي عمرو الداني والتبصرة لمكي القيسي وقرأ القرءان بمضمون الكتابين فكيف يقول بالإظهار التام وهوقرأ بالسبع من طريق التيسير إلى مؤلّفه وهو الداني الذي يقول بالإخفاء؟ مع العلم أنّ ابن الباذش ما أشار إلى وجه الإخفاء البتّة بل انتقده، وكيف ينتقد وجهاً قرأ به من طريق الداني، وهذا يدلّ أنّه انتقد اصطلاح الإخفاء لا الكيفية. ألا يدلّ هذا على أنّ الخلاف لفظي؟ ألا يدلّ هذا أنّه ما قال بوجه الإظهار إلاّ لانطباق الشفتين في الميم المخفاة؟ والذي قالوا بالإخفاء ما نظروا إلى حالة الشفة بل نظروا إلى إشباع الغنّة لإنّ الغنّة عندهم في المظهر غير مشبعة.
¥