أن يقع بعدها هذا الحرف " الباء " وقد اختلف أهل الأداء في حكمها حينئذ فذهب جمهورهم إلى أن حكمها وجوب الإخفاءمع الغنة , وهذا مذهب أئمة الأداء والمحققين كالإمام ابن مجاهد وابن بشير وغيرهما , وإليه جنح الإمام أبو عمرو الداني والمحقق ابن الجزري وغيرهما ممن لا يحصون كثرة , وذهب بعضهم إلى أن حكمها إذا لقيت هذا الحرف الإظهار على خلاف بينهم في الغنة وعدمها , وهو اختيار الإمام مكي ابن أبي طالب في آخرين , ويسمى على هذا المذهب إظهارا شفويا , والصحيح المذهب الأول وعليه العمل في سائر الأعصار والأمصار , وهذا الحكم وهو الإخفاء على المذهب الصحيح ثابت للميم الساكنة التي بعدها الباء مطلقا.
إلى أن قال:ووجه الإخفاء اتحاد الميم والباء في المخرج وتقاربهما في الصفة.
قال في نهاية القول المفيد: واعلم أن الإخفاء قسمان: أحدهما تبعيض الحرف وستر ذاته في الجملة وذلك في الميم الساكنة قبل الباء سواء كانت الميم أصلية أم كان أصلها النون الساكنة والتنوين. (أحكام قراءة القرءان الكريم ص 144 - 145).
انظر كيف نقل عن صاحب نهاية القول المفيد وصفه لكيفية إخفاء الميم بعد أن بين أن المذهب الصحيح هو الإخفاء ألا يدل ذلك على حقيقة الخلاف؟
وتأمل قوله: (وقد اختلف أهل الأداء في حكمها) فنسب الخلاف إلى أهل الأداء كما فعل ابن الجزري دليلا على أنه خلاف أدائي وليس لفظيا , وقال (في حكمها) ولم يقل في تسمية حكمها فماذا تريد أوضح من هذا؟
وقال رحمه الله:
الحال الثالث: أن يقع بعد النون الساكنة أو التنوين الباء , وحكمها حينئذ القلب ويعبر عنه بعض الكاتبين بالإقلاب وتقدم أن معناه الاصطلاحي: جعل حرف مكان آخر مع بقاء الغنة والإخفاء , والمراد به هنا قلب النون الساكنة والتنوين ميما عند الباء بغنة مع الإخفاء للحرف الأول وهو الميم التي تحولت النون والتنوين إليها , فإذا وقع بعد النون أو التنوين باء كان حكمهما وجوب قلبهما ميما مخفاة عند الباء مع الغنة.
قال العلامة المرعشي: الظاهر أن معنى إخفاء الميم ليس إعدام ذاتها بالكلية , بل إضعافها وستر ذاتها في الجملة بتقليل الاعتماد على مخرجها وهو الشفتان , لأن قوة الحرف وظهور ذاته إنما يكون بقوة الاعتماد على مخرجه , وهذا كإخفاء الحركة في كلمة (تأمنا) بيوسف لأن هذا الإخفاء ليس إعداما للحركة بالكلية بل بتبعيضها. انتهى. (أحكام قراءة القرءان الكريم ص 144 - 145).
فأنت ترى الشيخ الحصري نقل نص المرعشي الذي يدل دلالة بينة على ترك الفرجة في الإقلاب والإخفاء وهو مقرر له آخذ به مستدل بما فيه , فهل بعد هذا ما زلت مصرا على أن الخلاف لفظي؟
ألا تراه لم يقف عند تسمية الإقلاب بالقلب ولم ينسب أحد القولين كمذهب لأحد الأئمة ولا خطأ التسمية الأخرى بينما فعل ذلك وزيادة عند الكلام على الميم مع الباء؟
أرءيت يا صاحبي كيف يكون حكاية الخلاف اللفظي وكيف تكون حكاية الخلاف الحقيقي فتأمل؟
وانظر هذا الرابط لعله يفيدك:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=88376#post88376
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[07 Oct 2009, 11:54 م]ـ
أخي الكريم لم تقرئ عليّ السلام منذ مدّة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا يشكّ أحدنا في علم العالم الكبير المقرئ المجمع عليه الشيخ محمود خليل الحصري رحمه الله تعالى ورفعه في الدرجات العلا وأسكنه الفردوس الأعلى آمين آمين آمين.
وليس فقط الشيخ الحصري الذي يقول بأنّ الخلاف حقيقي بل هو مذهب معظم إن أقل كلّ العلماء المعاصرين، هذا لا شكّ ولا ريب فيه وسبب ذلك ما نقله ابن جزري في كتابه النشر مما يوحي إلى أنّ الخلاف حقيقيّ، وكلّ من جاء بعده إلاّ اتّبعه في ذلك إذ هو إمام الفنّ الذي تُسند إليه القراءات التي يقرَأ بها اليوم. وأنا مدرك لهذه الأمور وما كنت أتصوّر قبل أشهر معدودة أنّ الخلاف في الميم الساكنة قد يكون لفظياً.
¥