تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أقول: سبق أن طرحت ذلك، وبيَّنت أن أصول هذه المسائل عربية، وأنَّ المقدار الزائد الذي ذكره علماء التجويد مأخوذ بالتلقي، لكن اختلافهم في عدد الحركات ذلك ما يقع فيه الاجتهاد.

وإذا كانت قراءة هؤلاء ليست من سنن النبي، فمن أين جاءوا بها يا تُرى؟!

وكيف استطاعوا أن يُلبسوها الشرعية طوال هذه القرون، وتستمرَّ القراءة بها جيلاً بعد جيل؟!

أرجو أن تفرِّق بين الأصل وتقدير القدر الزائد، فأنا أرى أن الأصل لا يصلح الخلاف فيه، وإنما الخلاف في تقدير القدر الزائد، وأرجو منك أن تقرأ كلام ابن الجزري في كتابه النشر عند حديثه عن المد المتصل، فقد أبان عن أن الاتفاق على المد كائن، وأن الاختلاف في مقادير المدِّ، فالمد المتصل من حيث العموم يبدأ بثلاث حركات، وينتهي عند ست حركات، ولم يُذكر عن أحد من القراء انه مدَّ أكثر من ست حركات.

فهذه الحركات الثلاث أصلٌ لم يقع فيه اختلاف بين جميع القراء، وإنما وقع الخلاف في الزيادة عليه، فمن مد أربعًا أو خمسًا أو ستًّا، فقد مرَّ بالحركات الثلاث لا محالة.

وأخيرًا أقول:

1 ـ إن تنطع بعض المتنطعين في التجويد، وتشديدهم في تعليمه ليس حجة في عدم العمل به.

2 ـ إن من حكم بإجماع الأمة على الوجوب يحتجُّ له ولا يُحتجُّ به، وليس كل من قال بقول كان حجة على غيره.

3 ـ إن النقل الذي ذكرته عن القرطبي قد ذكر آفات في القراءة يستنكرها المحققون من المجودين، وقد ألَّفوا في ذلك في كتبهم.

4 ـ إن اتخاذ بعض القراء قراءة القرآن في المحافل والمآتم، وتصنع التطريب والقراءة بالألحان ليس حجة في ردَّ التجويد، وهم ممن قام بعمل منكر عند المجودين، ولا يُحسب عمله عليهم.

5 ـ من قال بأنه لم ينطق الضاد صحيحة إلا النبي صلى الله عليه وسلم وعمر، فهذا من الأقوال الغريبة التي لا يقبلها العقل، ولا يدل عليها النقل، فمن ذا الذي يزعم انه سمعهما أو سمع من سمعهما ثم تواصل سنده بهذا.

6 ـ الخلاف في إبدال ضاد الضالين بالظاء فيه كلام مفصَّل لأهل المذاهب الفقهية، ولهم اختلاف بإبطال الصلاة بهذا اللحن ومثله، وذلك مبسوط في كتب الخلافات الفقهية، وارجع إلى مثل كتب الأحناف تجدهم من أوسع من تعرض لهذه المسائل، وفي الأمر سعة في ذلك.

لكن يُعذر من حكم باللحن على من قرأ الضالين بالظاء بأنه غيَّر مبنى الكلمة، فصارت من الظِّل لا من الضلال، وهذا الوجه الذي ذهب إليه معتبر عند بعض فقهاء المذاهب، فلا تستغرب أن يلاحظ على بعض أئمتنا مثل ذلك عند هؤلاء، إذ إنهم قد يقرءون الضاد ظاءً.

7 ـ ما ذكره القرطبي من تخريج حديث عبد الله بن مغفل في قراءة سورة الفتح فيه نظر، قال القرطبي: ((فإن قيل فقد روى عبد الله بن مغفل قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له سورة الفتح على راحلته فرجع في قراءته وذكره البخاري وقال في صفة الترجيع آء آء آء ثلاث مرات قلنا ذلك محمول على إشباع المد في موضعه ويحتمل أن يكون حكاية صوته عند هز الراحلة كما يعتري رافع صوته إذا كان راكبا من انضغاط صوته وتقطيعه لأجل هز المركوب وإذا احتمل هذا فلا حجة فيه)).

وأصوب منه في نظري ما قاله ابن القيم في زاد المعاد (1: 384 ـ 385): (( ... وكان يتغنى به ويرجع صوته به أحيانا، كما رجع يوم الفتح في قراءته (إنا فتحنا لك فتحا مبينا).

وحكى عبد الله بن مغفل ترجيعه آآآثلاث مرات ذكره البخاري.

وإذا جمعت هذه الأحاديث إلى قوله: (زينوا القرآن بأصواتكم)، وقوله: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن)، وقوله: (ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن) عَلِمْتَ أن هذا الترجيع منه كان اختيارا لا اضطرارا لِهَزِّ الناقة له، فإن هذا لو كان لأجل هَزِّ الناقة لما كان داخلا تحت الاختيار، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعله اختيارًا ليؤتسى به، وهو يرى هَزَّ الراحلة له حتى ينقطع صوته، ثم يقول: كان يُرَجِّع في قراءته، فنسب الترجيع إلى فعله، ولو كان من هَزِّ الراحلة لم يكن منه فِعْلٌ يُسمى ترجيعا)).

وبعد هذا أرجو أن يكون في ذلك مقنع لمن تأمله، وأسأل الله أن يوفقني وإياك للصواب والسداد، والله الموفق.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jul 2004, 06:04 م]ـ

أولاً: أحب أن أرحب بالأخ الكريم عبدالله الميمان مع إخوانه في ملتقى أهل التفسير، وأسأل الله له التوفيق على مشاركاته التي تنادي على ما ورائها من العلم والأدب، زاده الله من فضله.

ثانياً: أشكر جميع من شارك في هذا النقاش العلمي الهادئ، الذي نحرص عليه في هذا الملتقى العلمي الوقور. سواء حول هذه المسألة أو غيرها من مسائل الدراسات القرآنية، التي لا يزال الكثير منها في حاجة إلى وقفات علمية عميقة، يتبادل فيها الرأي من طلاب العلم من أمثالكم، ممن له عناية بالدراسات القرآنية.

ثالثاً: هناك كتاب للشيخ أسامة ياسين كيلاني الحسني رحمه الله، وهو أحد المقرئين المعاصرين (1382 - 1419هـ) وعنوانه: (هل التجويد واجب؟)

وقد خلص فيه إلى وجوب التجويد، وذكر ص121 - 122 خلاصة أدلة وجوب التجويد، وهي 25 دليلاً منها:

1 - قوله تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا).

2 - قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به).

3 - قوله تعالى: (فاقرأوا ما تيسر من القرآن).

4 - قوله تعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه).

5 - قوله تعالى: (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم).

6 - قوله تعالى: (ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته ءاعجمي وعربي).

7 - قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).

8 - قوله تعالى: (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً).

9 - قوله تعالى: (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه).

10 - قوله تعالى: (وأوحي إليَّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ).

وغيرها من الأدلة.

ولا بد من مراجعة الكتاب لمعرفة وجه الاستدلال بهذه الأدلة التي ذكرت. فأرجو من الإخوة وفقهم الله، مناقشة هذه الأدلة إن كان ثمة سعة من الوقت رغبة في الفائدة للجميع. وفقكم الله جميعاً لكل خير.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير