تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال الزجاج في سياق كلام له: (قال أبو إسحاق: ولكنّي لا أعلم أحداً قرأ بها فلا تقرأن بها إلا إن ثبتت رواية صحيحة، قال شيوخنا من أهل العلم: القراءة سنّة متبعة، ولا يرون أن يقرأ أحد بما يجوز في العربية إذا لم تثبت به رواية). [انظر كتابه معاني القرآن (4/ 116) وانظر بيان منهجه في القراءات في كتاب النحو وكتب التفسير للدكتور / إبراهيم عبد الله رفيده (1/ 381 - 382).]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في سياق كلام له: (وأما قول السائل: ما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟

فهذه مرجعه إلى النقل واللغة العربية، لتسويغ الشارغ لهم القراءة بذلك كله – إذ ليس لأحد أن يقرأ قراءة بمجرد رأيه – بل القراءة سنة متبعة). [انظر كتاب من فتاوى الأئمة الأعلام حول القرآن ص48، ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (13/ 389 وما بعدها)].

وقال الإمام بن الجزري – رحمه الله – في مقدمة كتابه النشر (ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق وهو الذي ليس له اصل في القراءة يرجع إليه ولا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه كما روينا عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما من الصحابة، وعن ابن المنكدر وعروة ابن الزبير وعمر بن عبد العزيز وعامر الشعبي من التابعين أنهم قالوا: القراءة سنّة يأخذها الآخر عن الأول، فاقرأوا كما تعلمتموه ... ) ا هـ[النشر في القراءات العشر لابن الجزري (1/ 17)].

وقد أطال الإمام ابن الجزري – رحمه الله – تقرير ذلك في كتابه القيّم: منجد المقرئين ومرشد الطالبين، وعقد فيه باباً كاملاً قال فيه: الباب السادس في أن العشرة بعض الأحرف السبعة، وأنها متواترة فرشاً وأصولاً، حال اجتماعهم وافتراقهم، وحلِّ مشاكل ذلك.

وقد ردّ فيه على الذين قالوا بأن هناك وجوه في القراءات ليست متواترة رداً علمياً مفصلاً.

ومما ذكر فيه قول إمام الأصوليين القاضي أبي بكر ابن الطيب الباقلاني في كتاب الانتصار، حيث قال: (جمع ما قرأ به قراء الأمصار مما اشتهر عنهم، واستفاض نقله، ولم يدخل في حكم الشذوذ، بل رآه سائغاً جائزاً

من همزٍ وإدغام ومدٍّ وتشديد وحذفٍ وإمالة أو تركِ كل ذلك، أو شيء منه، أو تقديم أو تأخير، فإنه كله منزّل من عند الله – تعالى -، ومما وقف الرسول صلى الله عليه وسلم على صحته وخيّر بينه وبين غيره،

وصوّب جميع القراء به) [انظر منجد المقرئين ص194، 195].

وذكر أيضاً قول الإمام الحافظ الحجّة أبي عمرٍ الداني في كتابه جامع البيان، حيث قال: (وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر. والأصح في النقل. والرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية، ولا فشو لغة؛ لأن القراءة سنة متبعة. يلزم قبولها والمصير إليها) [منجد المقرئين ص203.].

ومما ذكر ابن الجزري – رحمه الله – في باب آخر من كتابه المذكور فتوى للعلاّمة الأصولي: عبد الوهّاب بن السبكي الشافعي، أجاب فيها على سؤال كتبه له ابن الجزري نفسه، فقال السبكي: (الحمد لله، القراءات السبع التي اقتصر عليها الشاطبي، والثلاث التي هي قراءة أبي جعفر، وقراءة يعقوب وقراءة خلف، متواترة معلومة من الدين بالضرورة، وكل حرف انفرد به واحد من العشرة معلوم من الدين بالضرورة أنه منزّل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُكابر في شيء من ذلك إلا جاهل وليس تواتر شيء منها مقصوراً على من قرأ بالروايات، بل هي متواترة عند كل مسلم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ولو كان مع ذلك عامياً جلفاً لا يحفظ من القرآن حرفاً).

ولهذا تقرير طويل وبرهان عريض لا يسع هذه الورقة شرحه، وحظ كل مسلم وحقه: أن يدين الله تعالى ويحزم نفسه بأن ماذكرناه متواتر معلوم اليقين، لا تتطرق الظنون ولا الارتياب إلى شيء منه، والله أعلم) [منجد المقرئين ص174 - 175]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير