تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فمنهم من يعلمُه رواية وقياساً وتمييزاً فذلك الحاذق الفطن.

ومنهم من يعرفه سماعاً وتقليداً، فذلك الوهن الضعيف. لا يلبثُ أن يشكّ ويدخله التحريف والتصحيف إذ لم يبن على أصل ولا نقل عن فهم. فنقل القرءان فطنة ودرايةً أحسن منه سماعاً وروايةً. فالرواية لها نقلها، والدراية لها ضبطها وعلمها. فإذا اجتمع للمقرئ النقل والفطنة والدراية وجبت له الإمامة وصحّت عليه القراءة. (الرعاية ص90).

قال أبو عمرو الداني:" وقرّاء القرءان متفاضلون في العلم بالتجويد والمعرفة بالتحقيق، فمنهم من يعلم ذلك قياساً وتمييزاً، وهو الحاذق النبيه، ومنهم من يعلمُهُ سماعاً وتقليداً، وهو الغبيّ الفهيه، والعلم فطنةً ودرايةً آكذ منه سماعاً وروايةً. وللدراية ضبطها وعلمها، وللرواية نقلها وتعلّمها، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم." التحديد ص67.

أقول: وهذا يدلّ على أفضلية علم الدراية وهو العلم بنصوص أهل الأداء على علم الرواية وهو المشافهة من المشايخ وذلك عند قولهم رحمهم الله " فنقل القرءان فطنةً ودراية أحسن منه سماعاً ورواية ".

قال المرعشي رحمه الله " وتجويد القرءان قد يحصّله الطالب بمشافهة الشيخ الموجود بدون معرفة مسائل هذا العلم، بل المشافهة هي العمدة في تحصيله، لكنّ بذلك العلم يسهل الأخذ بالمشافهة، ويزيد به المهارة ويُصانُ به المأخوذ عن طريان الشكّ والتحريف كما صرّح به في الرعاية. انتهى كلامه رحمه الله" جهد المقل ص110.

وللأسف فهناك من المشايخ الجامعين للقراءات يقرءون بما تلقّوا عن مشايخهم ولو كان مشايخهم على خطأ وإذا أتيت لهم بإدلّة على بطلان ما يُقرؤون به يختبأ وراء المشافهة ويقول " القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأوّل." فأصبح الكلّ يستدلّ بهذا القول على صحّة ما يُقرئ به ولو كان ضلالاً. وهذا يجرّنا إلى تعظيم النصوص أكثر من تعظيم المشافهة من المشايخ خاصّة في الوقت الذي نحن فيه الآن.

نماذج للعلماء في معاملاتهم مع مصادر علم التجويد والقراءات:

قد اعترض العلماء على بعض الأوجه الواردة من الشاطبية وذلك بالرجوع إلى أصولها وأصولها هي المصادر والكتب التي ألّفها أبو عمرو الداني ومن فوقه من مشايخه ككتاب التيسير وجامع البيان والمفردات وكتاب التذكرة لابن غلبون شيخ الداني وقراءة الداني على فارس بن أحمد وغير ذلك من المصادرا. وسبب هذا الاعتراض أنّ هؤلاء العلماء عندما رجعوا إلى أصول الشاطبية لم يجدوا بعض الأوجه الذي ذكرها الإمام الشاطبي ولأجل هذا ضعفوا تلك الأوجه من الشاطبية ولو صحّ بعضها من الطيّبة نحو مدّ البدل في {يواخذ} لورش عن نافع، وإبدال الهمزة الثانية ياءاً خالصةً في {أئمّة} لنافع وأبي عمرو والمكّي، تشديد التاء للمكّي في {كنتم تمنّون} و {فظلتم تفكّهون} وغير ذلك. فهؤلاء العلماء تركوا ما تلقّوه عن مشايخهم واتّبعوا نصوص أصول الشاطبية.

قد اعترض العلامة مصطفى الأزميري على ظاهر كلام ابن الجزري في النشرفي كثيرٍ من المسائل حيث رجع إلى أصول النشر جزئية جزئية وخالف ظاهر كلام النشر أخذاً بما ثبت في أصول الكتاب واتبعه في ذلك العلامة المتولّي والضباع رحمهما حيث خالفا ما تلقّا عن مشايخهما الآخذين بظاهر كلام النشر واتبعا مذهب الأزميري لماذا؟ لاتباعهم وخضوعهم لنصوص أصول النشر وتركهم للتقليد الذي كانوا عليه. فإن كان هؤلاء تركوا ما تلقّوه عن مشايخهم بالسند واتّبعوا نصوص أئمّة عليهم رحمة الله فكيف بمن دونهم في العلم رواية ودراية.

وعلى ما تقدّم فإنّ النصّ مقدّم على المشافهة وأنّ التلقّي وحده لا يكفي لإثبات صحة الوجه إذا لم يكن موافقاً لنصوص الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري.

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[19 Nov 2005, 11:43 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

تتمّة للبحث:

فإن قال قائل:هل سبقك أحد من العلماء المعتبرين إلى القول بتقديم النصّ على المشافهة والتلقّي سواء من القدامى أو حتّى المحدثين؟

الجواب:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير